الأحد، 14 ديسمبر 2008

حريتنا.. على لسان الأمريكي



تحدثنا عن أشياء عدة، عن سفراته وتجاربه في الشرق الأوسط وآسيا، عن موطنه الأصلي، الولايات المتحدة الأمريكية.. أخبرني كيف كان يوما مسئولا عن ترقية الضباط، ذوي الرتب العليا، في دولة عربية، وكيف كان مصيرهم مربوطا بيده، على الرغم من عدم كفاءة مؤهلاته، وبعدها كل البعد عن الطابع العسكري. استمر بنا الحديث حتى وصلنا الحرية.

بدأ يحدثني عن الحرية، وضعها ونمطها الحالي في السعودية.. وكما جرت عليه العادة، ظننت أن أمريكيا، على غير ملة الإسلام، سيبدأ النقد والتشكي من الحرية السعودية، المنطلقة من التوجه الإسلامي السلفي. على عكس ما حدثتني به نفسي، بدأ يثني.. ويثني على حريتنا، حتى ظننت أنه (سيتسعود).

قال في أبواب عدة، منها باب الزواج: ما أجمل ما أنتم عليه.. يقصد التعدد في الزوجات. يزور الزوجة ما يزورها أسبوعا كل شهر، وشهرا أو أكثر كل عام أو عامين، وترتبط الزوجة بروابط أخرى، عمل، دراسة، زيارة (أهلها)، وغيرها. خلال تلك الفترات، يتخبط الرجل ما يتخبطه، يفقد كثيرا من الأشياء التي تعود الحصول عليها من زوجته ومعها. في السعودية، ولدى المسلمين.. للرجل خيارات أوسع من ذلك التضييق. للأسباب السابقة، أو حتى بدونها، يمكن للرجل أن يوجد له أكثر من شريك في حياته.. دون ظلم لأحد، ودون أن يجد نفسه مطاردا من قبل السلطات لفعله ذاك، أو من نظرات المجتمع.. كما في مجتمعنا.. الغربي. طبعا.. والحديث لي، ربما أجاز الغرب هذا الفعل عن طريق المخادنة.. وليس في ذلك شذوذ عن السلوك الإجتماعي الزوجي.. بل تنقاشه وسائلهم الإعلامية بكل صراحة وجرأة. وكما قيل: ليس بعد الكفر ذنب.

وكان مما قاله الأمريكي في باب عمل النساء: عملت في بعض القطاعات في الشرق الأوسط، وتحديدا في دول عربية وإسلامية. كان النساء يعملن في نفس الإدارات التي عملت فيها. ما أتعسها من تجارب، لا تستطيع أداء عملك بشكل مريح. مديرك غالبا يرى النساء ألطف وأرق، وربما أولى بالترقية والمكافأة، أحيانا وفقا لمستوى (الجمال والأناقة)..! قلما تجد بيئة عمل مختلطة، خالية من الشد والتوتر، والمجاملات والنفاق، والتملق، الغير مقصود طبعا، من كلا الجنسين. النساء، ما أكثر تشكيهن وحساسيتهن. يقول: ما أشد بؤسك عندما ترى شابا وسيما أنيقا، ليس لديه (ارتداد) بطني غير نظامي (الحبطة)، يعمل معك في المكتب، وأنت بمواصفات مختلفة.. (نعوذ بالله من قهر الرجال!). ما أجمل أن تحضر إلى العمل دون تكلف مبالغ فيه في اللباس والأناقة.. هنا، ما أجمل الفصل بين الجنسين.. وما أعظم الحكمة من ذلك.

يقول الأمريكي في باب حرية اللباس: مما يلفت انتباه الأجنبي في السعودية.. طريقة لبس الأجنبي نفسه. يعني، تجد الصعيدي الذي يعمل في السعودية يلبس ما يلبسه وكأنه لا زال يعمل في مزرعته في الصعيد.. وترى السوداني، بعمامته ولباسه ناصع البياض.. تنظر إلى الأفغاني، فلا تكاد تفرق بين لبسة الحرب، في جبال تورا بورا، ولبسة السلم في أماكن قليلة من البلاد.. وترى الأفريقي، وكذلك الغربي بلباسهم المعتاد، في موطنهم الأصلي. لم يجبرهم أحد، أو يطلب منهم، ارتداء الثوب السعودي والشماغ الأحمر. الغرب، بتطوره وحريته المزعومة، لا يسمح لأجنبي أن يرتدي زيا غير الزي الغربي المعروف. إن تجاوز عنها النظام، ما تركتها أعين المجتمع من النقد. في أمريكا، على سبيل المثال، لا تكاد تميز الحبيب الزول من بين مرشحي أوباما.. وربما لن تجد الأفغاني بلحيته وزيه التقليدي، وربما تشك في أن بعض الهنود من السعودية.. وقد حدث!!

تحدث الأمريكي، الذي زاد عمره في السعودية على العشر، عن أمور أخرى.. يطول الحديث بذكرها، تثني على حريتنا.. والفضل كل الفضل لما جاءت به سماحة وحكمة رسالة النبي الأمي، محمد (صلى الله عليه وسلم)، التي أورثتها قلوب أشد الناس قسوةً وجلافةً آنذاك.

هذا ما يعتقده الأمريكي في حريتنا، وليس الوحيد في ذلك.. فهل سألت نفسك يوما ما هو الاعتقاد السائد في مجتمعنا عن حريتهم..؟! أقصد حرية الذوات، ولا أعني سواها :) أظنك فهمت!

هناك 3 تعليقات:

MiShO يقول...

أستاذي العزيز ..


على قولتك الكلام راح يطول بهل مجال ..

واحنى بنعمه لا تقدر ولا توصف ..

لاكن الحسره على شبابنا الي ما يقدرونها

ولا يحسونا بها ..


ما اقول غير الحمد لله على نعمته

والله لا يغير علينا في حالنا ..

ولا عدمنا جديدك ..


تحياتي

محمد الشهراني يقول...

حياك الله يا غالي..

فعلا.. أحزن كثير على الشباب المعجب بالثقافة والتقاليد الغربية بشكل أعمى.. ولكني أدرك إنه يعيش حلم واهي، وظنون شكلتها أفلام السينما المصطنعة.. ليست ولن تكون حقيقة..

تحياتي وألف شكر عالمرور..

غير معرف يقول...

هم قليل يا أخي محمد بالنسبة لمن هم أنضج فكرا وعقلا ...

والفائدة مطلب الجميع إذا كانت في نطاق ما يسمح به شرعنا ..

يوركت نفحاتك التي هبت هنا .. لعل شذاها يصل إلى هؤلاء ..!

طريق الإصلاح هو ما قد سلكته هنا .. فلا تتوقف !
تحياتي
أحمد