بعد أن أخذ فرعون يتهدد سحرة بني إسرائيل الذين آمنوا بالله بقوله: {فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ} [طه: ٧١]، أي لأجعلنكم مثلة، ولأقتلنكم ولأشهرنكم. {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ} أي أنتم تقولون أني وقومي على ضلالة، وأنتم مع موسى وقومه على الهدى فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه. فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم، هانت عليهم أنفسهم في الله عزَّ وجلَّ: {قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَآءَنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ}، أي لن نختارك على ما حصل لنا من الهدى واليقين {وَٱلَّذِي فَطَرَنَا}، يعنون لا نختارك على فاطرنا وخالقنا الذي أنشأنا من العدم، المبتدئ خلقنا من الطين، فهو المستحق للعبادة والخضوع لا أنت.. {فَٱقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ} أي فافعل ما شئت، وما وصلت إليه يدك {إِنَّمَا تَقْضِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَآ} [طه: ٧٢]، أي إنما لك تسلط في هذه الدار، وهي دار الزوال، ونحن قد رغبنا في دار القرار.
[يتجلى هنا صدق الإيمان بوعد الله تعالى، واحتقار شأن الحياة الدنيا أمام الآخرة، حتى لو بلغ العذاب في الدنيا درجة التنكيل والموت.. فالآخرة للمؤمن خير وأبقى.]
*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق