السلام عليكم ورحمة الله.. أسعد الله صباحكم وبارك في أعمالكم..🌹
يقول الحق تبارك وتعالى:
{كلآ إذا دكت الأرض دكا دكا • وجاء ربك والملك صفا صفا • وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى • يقول ياليتني قدمت لحياتي • فيومئذ لا يعذب عذابه أحد • ولا يوثق وثاقه أحد • يا أيتها النفس المطمئنة • ارجعي إلى ربك راضية مرضية • فادخلي في عـبادي • وادخلي جنتي}
الفجر: ٢١-٣٠
يخبر تعالى عما يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة فقال تعالى: { كلاّ} أي حقاً {إذا دكت الأرض دكاً دكاً} أي وطئت ومهدت وسويت الأرض والجبال، وقام الخلائق من قبورهم لربهم {وجاء ربك} يعني لفصل القضاء بين خلقه، وذلك بعد ما يستشفعون إليه بسيد ولد آدم على الإطلاق، محمد صلوات الله وسلامه عليه، فيجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفاً صفوفاً.
***
وقوله تعالى: {وجيء يومئذ بجهنم} روى الإمام مسلم في صحيحه: عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها). وقوله تعالى: {يومئذ يتذكر الإنسان} أي عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه، {وأنّى له الذكرى} أي وكيف تنفعه الذكرى، {يقول يا ليتني قدمت لحياتي} يعني يندم على ما كان سلف منه من المعاصي إن كان عاصياً، ويود لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاً.
***
عن محمد بن عمرة، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن عبداً خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة، ولود أنه رد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب.
***
وقال الله تعالى: {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد} أي ليس أحد أشد عذاباً من تعذيب الله من عصاه، {ولا يوثق وثاقه أحد} أي وليس أشد قبضاً ووثقاً من الزبانية لمن كفر بربهم عزَّ وجلَّ، وهذا في حق المجرمين من الخلائق والظالمين.
***
[نفس المؤمن]
فأما النفس الزكية المطمئنة وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق، فيقال لها: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك} أي إلى جواره وثوابه وما أعد لعباده في جنته {راضية} أي في نفسها، {مرضية} أي قد رضيت عن الله، ورضي عنها وأرضاها، {فادخلي في عبادي} أي في جملتهم، {وادخلي جنتي} وهذا يقال لها عند الاحتضار، وفي يوم القيامة أيضاً، كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره فكذلك ههنا.
***
قال ابن عباس في قوله تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية} قال: نزلت وأبو بكر جالس فقال: يا رسول الله ما أحسن هذا؟ فقال: (أما إنه سيقال لك هذا).
***
وعن أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (قل: اللهم إني أسألك نفساً مطمئنة، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك).
*من تفسير ابن كثير، رحمه الله ورحمنا
***
قال الحسن البصري : إن الله تعالى إذا أراد أن يقبض روح عبده المؤمن، اطمأنت النفس إلى الله تعالى، واطمأن الله إليها.
وقال عمرو بن العاص: إذا توفي المؤمن أرسل الله إليه ملكين، وأرسل معهما تحفة من الجنة، فيقولان لها: اخرجي أيتها النفس المطمئنة راضية مرضية، ومرضيا عنك، اخرجي إلى روح وريحان، ورب راض غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك وجَد أحد من أنفه على ظهر الأرض.
***
وروى الضحاك أنها نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه حين وقف بئر رومة. وقيل : نزلت في خُبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة، وجعلوا وجهه إلى المدينة؛ فحول الله وجهه نحو القبلة، والله أعلم.
*من تفسير القرطبي، رحمه الله ورحمنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق