الأحد، 11 مايو 2014

[#تدبر_آية، الأعراف: ٢٨-٢٩ - طواف الجاهلية وتعريهم]

السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..

يقول الله العزيز الحكيم:

{وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون • قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون}
[الأعراف، ٢٨-٢٩]

كانت العرب، ما عدا قريشاً، لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها، وكانت قريش - وهم الحمس - يطوفون في ثيابهم، ومن أعاره أحمسي ثوباً طاف فيه، ومن معه ثوب جديد طاف فيه، ثم يلقيه فلا يتملكه أحد، ومن لم يجد ثوباً جديداً ولا أعاره أحمسي ثوباً طاف عرياناً، وربما كانت امرأة فتطوف عريانة فتجعل على فرجها شيئاً ليستره بعض الستر فتقول: 
[اليوم يبدو بعضه أو كله * وما بدا منه فلا أحله]

وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل، وكان هذا شيئاً قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، واتبعوا فيه آباءهم، ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك فقال: {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}، فقال تعالى رداً عليهم: {قُلْ} أي يا محمد لمن ادعى ذلك {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ} أي هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة والله لا يأمر بمثل ذلك، {أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}؟ أي أتسندون إلى الله من الأقوال ما لا تعلمون صحته.

وقوله تعالى: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ} أي بالعدل والاستقامة، {وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ} أي أمركم بالاستقامة في عبادته في محالها، وهي متابعة المرسلين المؤيدين بالمعجزات فيما أخبروا به عن الله، وما جاءوا به من الشرائع وبالإخلاص له في عبادته، فإنه تعالى لا يتقبل العمل حتى يجمع هذين الركنين؛ أن يكون صواباً موافقاً للشريعة، وأن يكون خالصاً من الشرك.

واختلف في معنى قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} ، فقال مجاهد: يحييكم بعد موتكم، وقال الحسن البصري: كما بدأكم في الدنيا كذلك تعودون يوم القيامة أحياء. وقال ابن أسلم: كما بدأكم أولاً كذلك يعيدكم آخراً. 

وقال محمد بن كعب القرظي: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} من ابتدأ الله خلقه على الشقاوة صار إلى ما ابتدئ عليه خلقه، وإن عمل بأعمال أهل السعادة، ومن ابتدأ خلقه على السعادة، صار إلى ما ابتدئ خلقه عليه، وإن عمل بأعمال أهل الشقاء، كما أن السحرة [في قصة موسى، عليه السلام] عملوا بأعمال أهل الشقاء، ثم صاروا إلى ما ابتدأوا عليه.

عن سهل بن سعد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن العبد ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار، وإنه من أهل الجنة، وإنما الأعمال بالخواتيم".

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: