الثلاثاء، 13 مايو 2014

[#تدبر_آية الأعراف، ٤٠: مما جاء في تفسير قوله: (لا تُفتَّحُ لهم أبوابُ السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجملُ في سَمِّ ٱلْخِيَاطِ)]

السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..

يقول الله أحكم الحاكمين:
{إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تُفتَّحُ لهم أبوابُ السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجملُ في سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وكذلك نجزي المجرمين}

قوله تعالى: {لاَ تُفَتَّح لهم أبواب السماء} قيل: المراد لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء، وقيل: المراد لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد عن البراء بن عازب قال:
"خرجنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر - مرتين أو ثلاثاً - ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرةٍ من الله ورضوان - قال: فتخرج تسيل كما يسيل القطر في السقاء، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة، فيقول الله عزَّ وجلَّ: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فتعاد روحه، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة، وافتحو له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له قبره مد البصر - قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال إلى الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح فلا يفتح له - ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تُفتَّحُ لهم أبوابُ السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجملُ في سَمِّ ٱلْخِيَاطِ} فيقول الله عزَّ وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً - ثم قرأ: {ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء فتخطفُهُ الطيرُ أو تهوي به الريحُ في مكان سحيق}، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان: ما دينك؟ هاه هاه لا أدري، فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم، فيقول هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحو له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة".
وقد قال ابن جريج: لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم، وهذا فيه جمع بين القولين، والله أعلم.
وقوله تعالى: {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجملُ في سَمِّ ٱلْخِيَاطِ} فسره الجمعور بأنه البعير، قال الحسن البصري: حتى يدخل البعير في خرق الإبرة. وقرأ ابن عباس: بضم الجيم وتشديد الميم: يعني الحبل الغليظ في خرق الإبرة. وهذا اختيار سعيد بن جبير، وفي رواية أنه قرأ: حتى يلج الجمل، يعني قلوس السفن وهي الحبال الغلاظ.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: