[#تدبر #كتاب_الله]
السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..
يقول الله عز وجل:
{قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين • قال أنظرني إلى يوم يبعثون • قال إنك من المنظرين • قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم • ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}
(الأعراف، ١٣-١٧)
يقول تعالى مخاطباً لإبليس بأمرٍ قدري كوني {فاهبط منها} أي بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي فما يكون لك أن تتكبر فيها، قال كثير من المفسرين: الضمير عائد إلى الجنة، ويحتمل أن يكون عائداً إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى {فاخرج إنك من الصاغرين} أي الذليلن الحقيرين، معاملة له بنقيض قصده ومكافأة لمراده بضده، فعند ذلك استدرك اللعين وسأل النظرة إلى يوم الدين، قال: {أنظرني إلى يوم يبعثون • قال إنك من المنظرين}، أجابه تعالى إلى ما سأل لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب.
***
[وفي خواطر الشعراوي، يقول رحمه الله:
الإِنظار طلب الإِمهال، وعدم التعجيل بالموت، وقد طلبه إبليس لكي يشفي غليله من بني آدم وآدم؛ أنه جاء له بالصَّغَار والذلة والطرد والهبوط، ولذلك أصر على أن يجتهد في أن يغري أولاد آدم ليكونوا عاصين أيضاً. وكأن إبليس في هذا الطلب أراد أن يُنْقذ من الموت وأن يبقى حيًّا إلى يوم البعث الذي يبعث فيه كل من مات.
فأوضح الحق: أن تأجيل موتك هو إلى يوم الوقت المعلوم لنا وغير المعلوم لك؛ لأن الأجل لو عرف فقد يعصي من يعلمه مدة طويلة ثم يقوم بالعمل الصالح قبل ميعاد الأجل، ولكن الله أراد بإبهام زمان الموت أن يشيع زمانه في كل وقت. وفي آية أخرى يقول الحق سبحانه:
{إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ}
[الحجر: 38]]
***
ويخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس {إلى يوم يبعثون} واستوثق إبليس بذلك أخذ في المعاندة والتمرد، فقال: {فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم} أي كما أغويتني، قال ابن عباس: كما أضللتني، وقال غيره: كما أهلكتني لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه على {صراطك المستقيم} أي طريق الحق وسبيل النجاة ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي، وقال بعض النحاة: الباء هنا قسمية، كأنه يقول: فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم، [كما في قوله تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص، ٨٢]
***
وقال قتادة في قوله تعالى: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم}، أي أتاهم من بين أيديهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة ولا نار، ومن خلفهم من أمر الدينا فزينها لهم ودعاهم إليها، وعن أيمانهم من قبل حسناتهم بطأهم عنها، وعن شمائلهم زين لهم السئيات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة اللّه، وكذا روي عن إبراهيم النخعي والسدي وابن جريج.
وقال ابن عباس {ولا تجد أكثرهم شاكرين}، قال: موحدين، وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم، وقد وافق في هذا الواقع، كما قال تعالى: {ولقد صَدَّقَ عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين}.
*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق