الأربعاء، 28 مايو 2014

[#تدبر_آية الأعراف، ٤٦: من خبر السور بين الجنة والنار وخبر أصحاب #الأعراف]

السلام عليكم.. طبت وطاب صباحك..

يقول الله عز وجل:
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ
 
لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار، نبه أن بين الجنة والنار حجاباً، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة، قال ابن جرير: وهو السور الذي قال اللّه تعالى فيه: {فضرب بينهم بسور له باب}، وهو الأعراف الذي قال اللّه تعالى فيه: وعلى الأعراف رجال}، ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى: {وبينهما حجاب} هو السور وهو الأعراف، وقال مجاهد: الأعراف حجاب بين الجنة والنار سور له باب. قال ابن جرير: والأعراف جمع عرف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عرفاً.

اختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم. قال بذلك حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف. وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته، قال: (أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون) وقال ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف، فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوقفوا هناك على السور حتى يقضي اللّه فيهم.

وعن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ قول اللّه تعالى: {فمن ثقلت موازينه} الآيتين، ثم قال: الميزان يخف بمثقال حبة، ويرجح، قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم ونظروا إلى أهل النار {قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}، تعوذوا باللّه من منازلهم. قال: فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد يومئذ نوراً، وكل أمة نوراً فإذا أتوا على الصراط سلب اللّه نور كل منافق ومنافقة. فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: {ربنا أتمم لنا نورنا}، وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان بأيديهم فلم ينزع، فهنالك يقول اللّه تعالى: {لم يدخلوها وهم يطمعون} فكان الطمع دخولاً، قال: فقال ابن مسعود إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول: "هلك من غلبت آحاده عشراته".

 وسئل رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، عن أصحاب الأعراف. قال: (هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد، قال: أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار، ولم تدخلوا الجنة، فأنتم عتقائي، فارعوا من الجنة حيث شئتم). 

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: