السلام عليكم.. طبت وطاب صباحك..
يقول الله الرحمن الرحيم:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ • وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
لما ذكر تعالى حال الاشقياء عطف بذكر حال السعداء، فقال: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي آمنت قلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم ضد {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها} نبه تعالى على أن الإيمان والعمل به سهل لأنه تعالى قال: {لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون • ونزعنا ما في صدورهم من غل} أي من حسد وبغض.
كما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: (إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا). وقال السدي في الآية: إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة وجدوا عند بابها شجرة، في أصل ساقها عينان، فشربوا من إحداهما، فينزع ما في صدورهم من غل فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم يشعثوا ولم يشحبوا بعدها أبداً.
وقال علي رضي اللّه عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال اللّه تعالى فيهم: {ونزعنا ما في صدورهم من غل} رواه ابن جرير. وعن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول: لولا أن اللّه هداني فيكون له شكراً، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول: لو أن اللّه هداني فيكون له حسرة). ولهذا لما أورثوا مقاعد أهل النار من الجنة نودوا أن تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون، أي بسبب أعمالكم نالتكم الرحمة فدخلتم الجنة وتبوأتم منازلكم بحسب أعمالكم، وإنما وجب الحمل على هذا لما يثبت في الصحيحين عنه صلى اللّه عليه وسلم: (واعلموا أن أحدكم لن يدخله عمله الجنة)، قالوا: ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال: (ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمة منه وفضل) ""أخرجه البخاري ومسلم.
*من تفسير ابن كثير، رحمه الله
****
يقول الشعراوي في قوله تعالى: {وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ}:
إنهم يقولون الحمد لله لأنه جل وعلا قد جمعهم ودلهم وأرشدهم إلى الثواب والنعيم دون منغصات، والحمد لله هي عبادة يقولها المؤمنون في الآخرة؛ لأنهم أدوا حق الله في تكاليفه في الدنيا ويعطيهم الله فوق ما يتوقعون في الآخرة. ونعيم الآخرة لا قيد عليه، ولن يستطيع بشر مهما ارتقى بالابتكار أن يصل إلى ما في الجنة؛ لأن الشيء يتحقق لك من فور أن يخطر ببالك، {وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ}.
وهذا "الحمد لله" كان في الدنيا عبادة تكليف، أمّا في الآخرة فهو عبادة غبطة وسرور وتلذذ.
*من خواطر الشعراوي، رحمنا الله ورحمه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق