الخميس، 10 أبريل 2014

مما جاء في تفسير قوله تعالى: (إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ) الكوثر، ١

السلام عليكم، طبتم وطاب صباحكم..

يقول الله عز وجل: 

إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ
(الكوثر، ١)

روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "بينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه مبتسماً قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "لقد أنزلت عليَّ آنفاً سورة" فقرأ: {بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ}، ثم قال: "أتدرون ما الكوثر؟" قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر في الجنة وعدنيه ربي عزَّ وجلَّ، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم في السماء، فيختلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدث بعدك."

وقد استدل كثير من القراء على أن هذه السورة مدنية، فأما قوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ} فقد تقدم في هذا الحديث أنه نهر في الجنة، وقد رواه الإمام أحمد عن أنَس أنه قرأ هذه الآية: {إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ} قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقاً، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي في تربته، فإذا مسك أذفر، وإذا حصباؤه اللؤلؤ."

وعن أنس بن مالك قال:
"لما عرج بالنبي، صلى الله عليه وسلم، إلى السماء قال: أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر."
وروى ابن جرير، عن أنَس بن مالك قال:
"لما أسري برسول، الله صلى الله عليه وسل، مضى به جبريل في السماء الدنيا، فإذا هو بنهر عليه قصر من اللؤلؤ وزبرجد، فذهب يشم ترابه، فإذا هو مسك، قال: "يا جبريل، ما هذا النهر؟" قال: هو الكوثر الذي خبأ لك ربك."

وفي رواية عن أنَس قال:
"سئل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الكوثر؟ فقال: "هو نهر أعطانيه الله تعالى في الجنة، ترابه مسك، أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر"، قال أبو بكر: يا رسول الله، إنها لناعمة؟ قال: "أكلها أنعم منها."

وقال البخاري: حدَّثنا خالد بن يزيد الكاهلي، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة رضي الله عنها، قال:
"سألتها عن قوله تعالى: {إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ} قالت: نهر أعطيه نبيكم، صلى الله عليه وسلم، شاطئاه عليه در مجوف، آنيته كعدد النجوم."

وعن مسروق قال، قلت لعائشة:
"يا أم المؤمنين، حدِّثيني عن الكوثر؟ قالت: نهر في بطنان الجنة، قلت: وما بطنان الجنة؟ قالت: وسطها، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت، ترابه المسك، وحصباؤه اللؤلؤ والياقوت."

وقال البخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر: هو الخير الذي أعطاه الله إياه. قال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير: فإن ناساً يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكوثر الخير الكثير، وهذا التفسير يعم النهر وغيره، لأن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير، ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد، حتى قال مجاهد: هو الخير الكثير في الدنيا والآخرة. وقال عكرمة: هو النبوة والقرآن وثواب الآخرة، وقد صح عن ابن عباس أنه فسره بالنهر أيضاً، فقال ابن جرير: عن ابن عباس قال: "الكوثر نهر في الجنة، حافتاه ذهب وفضة، يجري على الياقوت والدر، ماؤه أبيض من الثلج، وأحلى من العسل." وعن ابن عمر أنه قال: الكوثر نهر في الجنة حافتاه ذهب وفضة، يجري على الدر والياقوت، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل. وقد روي مرفوعاً فقال الإمام أحمد: عن ابن عمر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الكوثر نهر في الجنة، حافتاه من ذهب، والماء يجري على اللؤلؤ، وماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل."

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: