الأحد، 6 أبريل 2014

مما جاء في تفسير قوله تعالى: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا) الإسراء: ١٠٧-١٠٩

السلام عليكم.. طبتم وطاب يومكم..

يقول الله عز وجل في خواتيم سورة الإسراء:

قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ۚ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا • وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا • وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ۩
(الإسراء: ١٠٧ - ١٠٩)


في قوله تعالى: {قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ..}

هذا ليس أمراً بحيث أن الذي يفعل الأمر أو النهي يكون طائعاً [أي الإيمان بالقرآن، كما في الآية التي سبقتها مباشرة: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا (١٠٦)}]، بل إن المراد هنا هو التهديد أو التسوية، فسواء آمنوا أو كفروا؛ لأن الحق سبحانه جعل في ذلك عزاءً لرسوله، صلى الله عليه وسلم، في إيمان أهل الكتاب.
***
{إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ..} 

أي: اليهود والنصارى الذين ارتضوا بالكتب السماوية، واستمعوا للتوارة والإنجيل، ونقلوها إلى غيرهم من المعاصرين للقرآن فهؤلاء شاهدون بأن الرسول حَقٌّ بما عندهم من بشارة به في التوراة والإنجيل؛ لذلك يتركون دينهم ويسارعون إلى الإسلام؛ لأنهم يعلمون عِلْم اليقين أنه الدين الحق.

ومن هؤلاء عبد الله بن سلام، وكان من علماء اليهود، وكان يعلم أوصاف رسول الله وزمن بَعْثته؛ لذلك قال: لقد عرفته حين رأيته كمعرفتي لابني، ومعرفتي لمحمد أشدّ.
***
وقوله تعالى: {إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ.. } أي: القرآن {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً}.

كلمة {يَخِرُّونَ} توحي بأنهم يسارعون إلى السجود، وكأنها عملية انفعالية غير إرادية ليس لهم فيها تصرُّف، فبمجرد سماع القرآن يرتمون على الأرض ساجدين؛ لأنهم تفاعلوا معه، واختمر الإيمان في نفوسهم. ليس ذلك وفقط، بل ويخرون {لِلأَذْقَانِ} جمع ذَقَن، وهي أسفل الفَكِّ السفلي، ومعلوم أن السجود يكون على الجبهة... [قال بعض المفسرين إن هذا كناية عن السجود على جباههم.] 
***
ثم يقول الحق سبحانه: {وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}

أي: يقولون حال سجودهم: سبحان ربنا الذي وَفّى بوعده في التوراة والإنجيل، وبعث الرسول الخاتم ومعه القرآن، سبحانه حقق لنا وَعْده وأدركناه وآمنا به، وكأن هذه نعمة يحمدون الله عليها.
***
ثم يقول الحق سبحانه عنهم: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ۩}

لقد خَرُّوا ساجدين لله تعالى قبل ذلك لأنهم أدركوا القرآن الذي نزل على محمد، صلى الله عليه وسلم، وتحقَّق لهم وعد الله فعاصروه وآمنوا به. أما هذه المرة فيخرون ساجدين لما سمعوا القرآن تفصيلاً وانفعلوا به، فيكون له انفعال آخر، لذلك يزيد هنا الخشوع والخضوع. فكلما قرأوا آية ازدادوا بها خشوعاً وخضوعاً.

*من خواطر الشعراوي، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: