الخميس، 24 أبريل 2014

مما جاء في تفسير قوله تعالى: (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ) الأعراف، ٨-٩

[#تدبر_آية]
السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..

يقول الله أحكم الحاكمين:

فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ • وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ
(الأعراف، ٨-٩)

قيل: الموازين جمع موزون، لا جمع ميزان. أراد بالموازين الأعمال الموزونة.

قال ابن عباس: توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان وكِفّتان؛ فأما المؤمن فيؤتى بعمله في أحسن صورة فيوضع في كفة الميزان فتثقل حسناته على سيئاته؛ فذلك قوله: {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} ويؤتى بعمل الكافر في أقبح صورة فيوضع في كِفّة الميزان فيخف وزنه حتى يقع في النار. وما أشار إليه ابن عباس قريب مما قيل: يخلق الله تعالىٰ كل جزء من أعمال العباد جوهراً فيقع الوزن على تلك الجواهر. وردّه ٱبن فُورك وغيره.

وذكر أن البطاقة (بكسر الباء) رُقعة فيها رقم المتاع بلغة أهل مصر. وقال ابن ماجه: قال محمد بن يحيى: البِطاقة الرُّقعة، وأهل مصر يقولون للرُّقْعة بِطاقة. وقال حذيفة: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل، عليه السَّلام، يقول الله تعالىٰ:
"يا جبريل زِنْ بينهم فرُدّ من بعض على بعض"
قال: وليس ثمّ ذهب ولا فضة؛ فإن كان للظالم حسناتٌ أخِذ من حسناته فردّ على المظلوم، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتحمل على الظالم؛ فيرجع الرجل وعليه مثل الجبال.

وروي عن النبيّ، صلى الله عليه وسلم:
"أن الله تعالىٰ يقول يوم القيامة يا آدم ٱبرز إلى جانب الكرسي عند الميزان وٱنظر ما يرفع إليك من أعمال بَنِيك فمن رجح خيرُه على شره مثقالَ حَبّة فله الجنة ومن رجح شره على خيره مثقال حبة فله النار حتى تعلم أني لا أَعذب إلاَّ ظالماً".

*من تفسير القرطبي، رحمه الله
***
الذي يوضع في الميزان يوم القيامة قيل: الأعمال وإن كانت أعراضاً، إلا أن الله تعالى يقلبها يوم القيامة أجساماً، يروى هذا عن ابن عباس، كما جاء في الصحيح "من أن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف".

وقيل: يوزن كتاب الأعمال، كما جاء في حديث البطاقة، في الرجل الذي يؤتى به ويوضع له في كفة تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يؤتى بتلك البطاقة فيها: لا إله إلا الله، الحديث. 

وقيل: يوزن صاحب العمل كما في الحديث:
"يؤتى يوم القيامة بالرجل السمين فلا يزن عند الله جناح بعوضة"، ثم قرأ: 
{فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً}
[الكهف: 105].

 وفي مناقب عبد الله بن مسعود أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
"أتعجبون من دقة ساقيه! والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد"

وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحاً، فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها، والله أعلم.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: