الاثنين، 14 أبريل 2014

مما جاء في تفسير قوله تعالى: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ) الدخان، ٢٩

السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..

يقول ربنا العزيز الرحيم:

فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ
(الدخان، ٢٩)

[وردت الآية في سياق قصة هلاك قوم فرعون]

قوله سبحانه وتعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ} أي لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم. 

عن أَنس بن مالك، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:

"ما من عبد إلاّ وله في السماء بابان: باب يخرج منه رزقه، وباب يدخل منه عمله وكلامه، فإذا مات فقداه وبكيا عليه"، وتلا هذه الآية: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ}.

 وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملاً صالحاً يبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم، ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم. وعن عباد بن عبد الله قال: سأل رجل علياً، رضي الله عنه، هل تبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال له: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك؛ إنه ليس من عبد إلاّ له مصلى في الأرض ومصعد عمله من السماء، وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض، ولا عمل يصعد في السماء، ثم قرأ علي، رضي الله عنه: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ}. وقال ابن جرير، عن سعيد بن جبير قال: أتى ابنَ عباس، رضي الله عنهما، رجلٌ فقال: يا أبا العباس، أرأيت قول الله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ}، فهل تبكي السماء والأرض على أحد؟ قال رضي الله عنه: نعم، إنه ليس أحد من الخلائق إلاّ وله باب في السماء منه ينزل رزقه، وفيه يصعد عمله، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه ففقده بكى عليه، وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله عزَّ وجلَّ فيها بكت عليه، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة، ولم يكن يصعد إلى الله عزَّ وجلَّ منهم خير، فلم تبك عليهم السماء والأرض.

وقال سفيان الثوري: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحاً. وقال مجاهد: ما مات مؤمن إلاّ بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحاً، فقلت له: أتبكي الأرض: فقال: أتعجب؟ وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع والسجود؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل، وقال قتادة: كانوا أهون على الله، عزَّ وجلَّ، من أن تبكي عليهم السماء والأرض.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: