السلام عليكم، طبتم وطاب صباحكم..
يقول من أحاط بكل شيء خُبرا:
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا • إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا
(الكهف، ٨٣-٨٤)
يقول تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم {ويسألونك} يا محمد {عن ذي القرنين} أي عن خبره، وقد قدمنا أنه بعث كفار مكة إلى أهل الكتاب، يسألون منهم ما يمتحنون به النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: سلوه عن رجل طواف في الأرض، وعن فتية ما يدرى ما صنعوا، وعن الروح، فنزلت سورة الكهف.
وقد ذكر الأزرقي وغيره أنه [ذو القرنين] طاف بالبيت مع إبراهيم الخليل عليه السلام أول ما بناه وآمن به، وتبعه، وكان وزيره الخضر عليه السلام، وقد ذكرنا طرفاً صالحاً من أخباره في كتاب البداية والنهاية، بما فيه كفاية والحمد للّه.
وقال بعض أهل الكتاب: سمّي ذا القرنين لأنه ملك الروم وفارس، وقال بعضهم كان في رأسه شبه القرنين. وقال سفيان الثوري، عن أبي الطفيل: سئل علي رضي اللّه عنه عن ذي القرنين فقال: كان عبداً ناصحاً للّه فناصحه، دعا قومه للّه فضربوه على قرنه فمات، فسمي ذا القرنين. ويقال إنه سمي ذا القرنين لأنه بلغ المشارق والمغارب من حيث يطلع قرن الشمس ويغرب.
وقوله: {إنا مكنا له في الأرض} أي أعطيناه ملكاً عظيماً، ممكناً فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحضارات، ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض، ودانت له البلاد وخضعت له ملوك العباد، وخدمته الأمم من العرب والعجم.
وقوله: {وآتيناه من كل شيء سببا}، قال ابن عباس [وغيره]: يعني علماً. وقال قتادة: منازل الأرض وأعلامها، وقال عبد الرحمن بن زيد، تعليم الألسنة، قال: كان لا يغزو قوماً إلا كلمهم بلسانهم، وعن حبيب بن حماد قال: كنت عند علي رضي اللّه عنه، وسأله رجل عن ذي القرنين، كيف بلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سبحان اللّه، سخّر له السحاب، وقدر له الأسباب، وبسط له اليد.. ذكره الضياء المقدسي عن سماك بن حرب.
*من تفسير ابن كثير، رحمه الله
***
ويقول الشعراوي:
بحث العلماء في "مَنْ هو ذو القرنين؟" فمنهم مَنْ قال: هو الإسكندر الأكبر المقدوني الطواف في البلاد، لكن الإسكندر الأكبر كان في مقدونيا في الغرب، وذو القرنين جاب المشرق والمغرب مما دعا عالماً محققاً من علماء الهند هو: أبو الكلام آزاد ـ وزير المعارف الهندي ـ إلى القول بأنه ليس هو الإسكندر الأكبر، بل هو قورش الصالح، وهذه رحلته في الشرق والغرب وبين السدين، كما أن الإسكندر كان وثنياً، وكان تلميذاً لأرسطو، وذو القرنين رجل مؤمن كما سنعرف من قصته.
ولو حددَ القرآن هذه الشخصية في الإسكندر أو قورش أو غيرهما لَقُلْنَا: إنه حَدث فرديّ لا يتعدى هذا الشخص، وتنصرف النفس عن الأُسْوة به، وتفقد القصة مغزاها وتأثيرها. ولو كان في تعيينه فائدة لَعيَّنه الله لَنَا.
وسبق أنْ أوضحنا أن الحق ـ سبحانه ـ عندما ضرب مثلاً للذين كفروا، قال:
{ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ..}
[التحريم: 10] ولم يُعيّنهما على التحديد؛ لأن الهدف من ضرب المثل هنا بيان الرسول المرسَل من الله لهداية الناس لم يتمكّن من هداية زوجته وأقرب الناس إليه؛ لأن الإيمان مسألة شخصية، لا سيطرة فيها لأحد على أحد.
*من خواطر الشعراوي، رحمنا الله ورحمه
#انشر_تؤجر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق