الاثنين، 2 يونيو 2008

العميل الذهبي

أذكر أني ذهبت يوما لأحد فروع شركة الراجحي المصرفية، أريد إجراء عملية ما. لحسن الحظ، كان إجرائي من مسئوليات موظف خدمة العملاء، فلم أُضطر للوقف في طابور الانتظار. بدلا من ذلك، كان علي أن أنتظر لبعض الوقت في مكتب موظف خدمة العملاء. أثناء انتظاري، حضر شاب في العشرينات لنفس الموظف الذي كنت في مكتبه.

سأل الشاب الموظف: "أريد أن أودع مبلغا من المال."

الموظف: "انتظر في الطابور خلفك، حتى يأتيك الدور."

الشاب: "المبلغ ما هو بسيط. مرة.. ما هو بسيط".

الموظف: "يعني كم؟"

الشاب: "مبلغ كبير، وما ينفع أنتظر في الصف." (بإصرار شديد على أحقيته في الحصول على خدمة العميل الذهبي)

بدت على الموظف علامات الحيرة.. هل يقوم بتحويل الشاب لمكتب خدمات كبار العملاء، أم يستأثر بخدمته لنفسه؟.. بعد فينة، قرر الموظف أن يقدم خدمة إيداع المبلغ للشاب شخصيا.

جلست أنا والشاب وموظف خدمة العملاء في نفس المكتب.

الشاب بدأ الحديث معي، معبرا عن تذمره من الخدمة السيئة التي يلقاها جراء تعامله مع البنك، طبعا محاولا عدم لفت انتباه الموظف، الذي خرج للحظات، لرأيه في خدمات البنك.

بعد قليل، عاد الموظف ليخدمني أنا والشاب. وبما أن معاملتي كانت بسيطة، أظنه آثر أن يخدم الشاب أولا :(

الموظف يسأل الشاب: "كم المبلغ الذي تود إيداعه؟"

(أذكر أنه أصابني فضول غير مسبوق لسماع المبلغ الذي سيودعه الشاب.. وربما أنت كذلك؟)

الشاب يجيب: "ثمانية آلاف ريال سعودي"

الموظف: (توقعاته تصطدم بموجة إحباط غير متوقعة، وكأن لسان حاله يود أن يقولـ....).. بعد لحظة، الموظف يكاد أن ينقجر، ولكنه يكبت مشاعره الداخلية ويقول: "(ببببببببببببس؟؟!... ارجع، لو سمحت، وانتظر في الصف!)"

ربما أخطأ الشاب في تحديد عزة المبلغ من هوانه على الناس، إلا أنه يظل سائرا على نهج الكثير من قبله. شخصيا، أذكر أني كنت أتحمل مشقة الذهاب إلى البنك، والانتظار في الطابور، لأسحب مبلغ مائة ريال فقط، وأحيانا أزيد عليها بعض (الفكة) الزائدة فوق الرصيد :) . الآن، أظن أن مبلغ مليون ريال سعودي، لا يكاد يسعني، علما أنه سيحول حياتي 180 درجة مالية، وحتى ربما مائة ألف ريال. ولو حدث أن قمت بإيداع مبلغ مشابه.. (يا رب!).. فربما أطلب من البنك توفير فرقة حراسات أمنية لمرافقتي منذ خروجي من المنزل حتى وصولي إلى البنك، ولمدة أسبوع بعد ذلك :) . غيري، ربما يصرف هذا المبلغ في رحلة أسبوع، أو يقدمه هدية زواج لصديق رسمي (يعني: مصلحة)، وقد حدث.