الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

ماراثون الهبات



بعد عودة الشاعر المحزون، دون جائزة، وما سمعته عن الهدايا والهبات والمنح التي انكبت عليه بسبب حزنه، وكان ذلك خيرا له لو كان يعلم (وكذا اعتقدت وقت خسارته).. وبعد اعتزال اللاعب المعروف، وما قرأته عن الهدايا والهبات التي حصل عليها من أصحاب المال.. تمنيت أن أكون مثلهم، ملياردير، حتى أشارك في ماراثون الهبات العظيم.. ولكن..


*************

لو كنت من أصحاب الملايين، مثلهم..لا أظني سأهدي 4 ملايين ريال سعودي، تزيد ولا تنقص، لشاعرٍ خرج من مسابقة كوميدية شعرية، هدفها جمع المزيد من الملايين، من اتصالات الـ(مُغررِ بهم) شعريا.. ربما سأنفق المبلغ على عدد من الشباب السعودي الذين خارت قواهم وهم يحاولون الحصول على شريك حياة ناعم.. ليساعدهم، نفسيا أحيانا، في تحمل أعباء الحياة والوقوف ضد موجة الغلاء، كما يستأنسون بحديث بعضهم البعض أثناء تجوالهم في السيارة، بحثا عن ملحق جيد فوق سطح منزل من أحياء الجنوب، هربا من إيجارات شقق الشمال الفلكية!!

*************

لو كنت مثلهم.. لن أهدي شاعرا نظم في شأني بعض الكلمات المركبة مبلغا قدره وقدره...، وسأكتفي بإهدائه كلمات من أجمل الكلمات، على شهادة شكر وتقدير. المبلغ، ربما يكون بسيطا، سأتحمل به رحلة علاج، أو تكاليفها، لمريض غير مقتدر.

*************

لو كنت مثلهم.. لن أدفع مبلغ قارب الخمسة عشر مليون ريال، أو تجاوزها، في سبيل جلب نادي أجنبي ليسامر اللاعب المعتزل لمدة ساعة أو تزيد.. سأدفع المبلغ نفسه، وإن استثقلته، سأدفع نصفه، وإن امتنعت نفسي، فربما ثلثه، وإن شحت به نفسي، فسأخرج زكاته فقط، وعَلِي أن أتبرع بها لأرملة تركها زوجها وصبيتها يكادون يسألون الناس إلحافا.. ربما يغنيها عن منة (راعي مسيار) إنتهازي، أو نوايا (مريض) جائع--طبعا (المرض) كما فسره القرآن الكريم.

*************

لو كنت مثلهم.. فلن أقدم هدية مالية للاعب الكروي بمبلغ مليون ريال، فقط بسبب اعتزاله. لن أدعم الاعتزال من أساسه، لا إعلاميا ولا فيما يتعلق بتكاليف التنظيم. سأنفق الملايين، أو بعضاً من البعضِ، التي كنت سأدفعها على الحفل.. على سكان قرية من قرى الأطراف، إن كنت حتما سأدفع. أتظن أن يبقى في القرية فقير؟!

*************

لو كنت مثلهم.. لن أقدم كرت تعبئة بنزين مجانية، مدى الحياة، كهدية للاعب معتزل؟! بدلا عن ذلك، سأقدم بعض الكروت المجانية التي تتضمن تخفيضا معتبرا في قيمة تعبئة وقود السيارة، وسأعطيها لرب أسرة كبيرة، لا يملك سوى (الجمس)، موديل سنة 1979، أو أقل. وربما أعطي بعض المحتاجين كذلك.

*************

لو كنت مثلهم.. ربما لن أهدي لاعبا سجل هدفا راق لي سيارة بمبلغ تجاوز المائتين ألف ريال. أظن أني سأشتري بنفس المبلغ ثلاث سيارات أقدمها عونا لثلاث أسر كبيرة، عجز والدهم عن توفير سيارة خاصة بهم، الأمر الذي جعل سائقي الليموزين في المدينة على دراية تامة بكل صغيرة وكبيرة حدثت في منزل الأسرة.. وعسى ألا يتطور الأمر..!

*************

لو كنت مثلهم.. لن أقدم عشرة ملايين ريال هديةً لإحدى المنظمات التعليمية الحكومية، مقابل أن يحصل ابني على الشهادة، إن صدقت الظنون!! بدلا من ذلك، سأحاول أن أجمع شمل بعض الأسر بآبائهم المعسرين، وعَل عزائهم أن ينتهي، ويولد آباء كانوا في ذاكرة الموت من جديد، ليجدوا أبناءً يتمهم الدَين و(قرض الراجحي).

*************

تطول قائمة الهبات، ولكن.. لو كنت من أصحاب الملايين.. وكان الله في عوني.. لما دفعت مبلغ كذا وكذا، في ذاك وذاك، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر، حتى يتبين لي أنه لم يعد هناك شيء، أو ربما إنسان، حاجته للمبلغ أحوج.