الاثنين، 6 فبراير 2012

قصة كاتب الوحي وردته عن الإسلام، وقصة عبد الله القصيمي (صوتية)

 

ذكر الشيخ صالح المغامسي قصة كاتب الوحي الذي إرتد عن الإسلام.. ثم تاب، وكذلك قصة عبد الله القصيمي (صوتية).. في سلسلته الصوتية (تأملات قرآنية). رأيت أن أنقلها لكم للفائدة والعظة والعبرة، وللغرابة في كلا القصتين، ولدلالة (أن الأعمال بالخواتيم). نقلت قصة كاتب الوحي من هذا المصدر ومن مصادر أخرى (بتصرف).

الصحابي، كاتب الوحي:
ذكر الشيخ هذه القصة للصحابي وكاتب الوحي، عبد الله بن سعد ابن أبي السرح، الذي إرتد بعد كتابته للوحي، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ... الآية) الأنعام:93

يقول: أسلم عبد الله بن أبى السرح أول مرة قبل صُلح الحُديبية وقد حسن إسلامه وكان موضع ثقة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شرفه بمهمة كتابة الوحي.

ذات يوم، كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ على المُسلمين مما أنزله الله من قرآن في سورة المؤمنون، وكان عبد الله بن أبى السرح يكتُب. وعندما كان (صلى الله عليه وسلم) يتلوا آيات خلق الإنسان من سورة المؤمنون: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ... الآية)، قبل أن ينتهي (صلى الله عليه وسلم) من تلاوة نفس الآية، عِجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان فقال:" تبارك الله أحسن الخالقين".

سمعه النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: أكتُبها، فهكذا أوحيت إلي. شك عبد الله في نبوة الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم). خرج عبد الله ابن أبي السرح وقال: إن كان صادقاً، فقد أوحى إلي مثلما يوحى إليه، وإن كان كاذباً فإنما أقول مثلما يقول.
عاد بعد ذلك للمشركين من قريش وأعلن ردته.

أنزل الله فيه قوله تعالى:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام:93

يقول الشيخ المغامسي – وفقه الله – لم يصرح الله سبحانه باسم عبد الله بن أبي السرح في الآية، لأنه سبق في علمه أنه سيتوب ويرجع عن كفره، والله أعلم.

في السنة الثامنة للهجرة، كان فتح مكة. أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقتل أحد عشر شخصاً (ثمانية رجال و ثلاث نساء)، وهم  من أشد من عادى الإسلام والمسلمين، حتى وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة. كان منهم عبد الله بن أبي السرح. وقد عفى عليه الصلاة والسلام عن بقية القوم: (اذهبوا، فأنتم الطلقاء).

يقول المغامسي: كان عبد الله بن أبى السرح شقيق عثمان بن عفان رضي الله عنه في الرضاعة، ولذلك رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يتشفع فيه عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وذلك بعد توبته وإنابته.

ذهب عثمان رضي الله عنه ومعه أخوه عبد الله ابن أبي السرح إلى مجلس رسول الله.. ]فجاء به حتى أوقفه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟) فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟ قال: (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين).[ رواه أبو داوود والبيهقي.

بعد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وتولي عثمان رضي الله عنه للخلافة، ولى عبد الله ابن أبي السرح واليا على مصر وقائدا للجيوش الإسلامية هناك، حيث تولى قيادة الأسطول الإسلامي في معركة ذات الصواري، وانتصر على البيزنطيين وأغرق 900 سفينة من أسطول قسطنطين الثاني، كما غزا إفريقية عدة مرات سنة 31هـ، و 33هـ حتى بلغ تونس.

وفاته..
يذكر المغامسي أنه بعد تلك المعارك التي خاضها في سبيل الله، وفي إحدى الليالي، دعا عبد الله ابن أبي السرح خالقه أن يقبض روحه في صلاة الفجر. نام ليلته تلك، ثم لما كان عند الفجر، خرج ليؤم الناس في صلاتهم، راجيا أن يقبض الله روحه في تلك الصلاة. قرأ في الركعة الأولى أو الثانية بسورة الضحى، ولم يدرك الرواة ما قرأ في الأخرى. انتظر في صلاته إجابة دعوته – بقبض روحه – ولكن ذك لم يحدث، فسلم على يمينه، وقبل أن يسلم على يساره، قبض الله روحه.

عبد الله ابن أبي السرح، كاتب الوحي، الذي كذبه وأنكره بعد ذلك، والذي تاب بعد ذلك وحسن إسلامه.. جاهد في سبيل الله وقبض الله روحه في صلاة الفجر.

قبل الختام.. هنا قصة أخرى للشيخ المغامسي، لأحد العباد الذين ذاع صيتهم في الدين، ولكن نهايته كانت خلافا لذلك (والله اعلم بعباده):

 قصة عبد الله القصيمي:


نسأل الله الخاتمة الحسنة وأن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وأن يغفر لي ولك ولوالدينا وللمسلمين كافة!


الأحد، 29 يناير 2012

رد الشيخ السحيم على قصة الفتاة الأسبانية حول كلمة (الله)

نقلت المادة هنا بدون تعديل عليها لأهميتها في تصحيح القصة ولعلاقتها بموضوع المقال:
Allaah, Allah or God

المصدر: منتدى معهد القراءات القرآنية، ومنتشرة في عدد من المواقع الأخرى.



أسبانية تشرح معني كلمة ( الله )


السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الجليل .. أحسن الله اليكم .
ما قولكم في هذا الموضوع الذي بات منتشرا في أكثر المنتديات:
(( أسبانية تشرح معني كلمة ( الله ) بعد أن عجز عنها العرب ))
هذه الفتاة الإسبانية تدرس الآن ماجستير لغة عربية
في جامعة اليرموك الأردنية .
وذات يوم وأثناء إحدى المحاضرات في السنة الثانية
طرح الدكتور/ فخري كتانة سؤالا على طلابه :
من منكم يحدثني عن
لفظ الجلالة
( الله )
من الناحية الإعجازية اللغوية ومن الناحية الصوتية؟
لم يرفع أحد يده
ما عدا فتاة إسبانية تدعى "هيلين" والتي تجيد التحدث باللغة العربية الفصحى على الرغم من كونها إسبان يه مسيحية
فقالت
إن أجمل ما قرأت بالعربية هو اسم (الله) .
فآلية ذكر اسمه سبحانه وتعالى على اللسان البشري لها نغمة متفردة . فمكونات حروفه دون الأسماء جميعها
يأتي ذكرها من خالص الجوف , لا من الشفتين.
فـلفظ الجلالة لا تنطق به الشفاه لخلوه من النقاط ..
اذكروا اسم... (الله) .الآن
وراقبوا كيف نطقتموها
هل استخرجتم الحروف من باطن الجوف
أم أنكم لفظتموها ولا حراك في وجوهكم وشفاهكم
ومن حكم ذلك انه إذا أراد ذاكر أن يذكر اسم الله
فإن أي جليس لن يشعر بذلك .
ومن إعجاز اسمه انه مهما نقصت حروفه فإن الاسم يبقى كما هو . وكما هو معروف أن لفظ الجلالة يشكل بالضمة في نهاية الحرف الأخير "اللهُ"
وإذا ما حذفنا الحرف الأول يصبح اسمه لله كما تقول الآية
( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت
" له"
ولا يزال مدلولها الإلهي كما يقول سبحانه وتعالى
( له ما في السموات والأرض)وإن حذفت الألف واللام الأولى والثانية بقيت الهاء بالضمة
" هـُ "
ورغم كذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه
(هو الذي لا اله إلا هو)
وإذا ما حذفت اللام الأولى بقيت
" إله"
كما قال تعالي في الآية
( الله لا إله إلا هو)
هيلين اسمها الآن "عابدة" ))
انتهى الموضوع ، وجزاك الله خيرا

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وإليك أحسن .
هذا القول فيه تكلّف واضح .
وهو مُتعقّب من عِدّة وُجوه :
الوجه الأول : لفظ الجَلاَلَة ( الله ) ليس الكلمة الوحيدة التي لا تنطبِق فيها الشِّـفَـاه ، بل كلمة التوحيد بأكملها ( لا إله إلا الله ) لا تنطبِق فيها الشِّـفَـاه ، فإنك لو قلت : ( لا إله إلا الله ) لم تنطبِق الشِّـفَـتَين فيها .
وكذلك كلمة ( عز وجلّ ) ، وكلمة ( الله أجَلّ ) لا تنطبِق فيها الشِّـفَـاه .. مع كلمات أخرى كثيرة لها نفس الصِّفَة .
الوجه الثاني : أن حروف لفظ الجلالة (الله ) ليست جوفية ، فمنها ( الهمزة والهاء ) مَخرجها من أقصى الْحَلْق .
بينما ( اللام ) مَخرجها الحافّة الأمامية من اللسان .
فليس نُطق لفظ الجلالة (الله ) من باطن الجوف .
الوجه الثالث : ما يتعلق بِنقص حرف من حروفه ، وهو ظاهر التكلّف ، بل تحجير واسع !
فإن الضمير ( له ) لا يقتصر على الله ، بل هو عائد على مذكور حسب سياق الكلام .
فإنك لو تحدّثت عن شخص ثم قلت : له بيت ، أو : له هيبة .. إلى غير ذلك لكان تحديد المقصود بِعَودِ الضمير سياق الكلام .
ومثل ذلك لو قلت ( إله ) ، لأن الإله يُطلَق على الإله الحق سبحانه وتعالى ، ويُطلَق على الآلهة الباطلة .
قال الله تعالى: (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ) ، وقال عز وجلّ : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً) وقوله تبارك وتعالى عن قوم موسى : (قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ) وقال جلّ جلاله : (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا) وغيرها من الآيات .
وأوضح ما يكون التكلّف القول بأن بقاء ( الهاء ) المضمومة يَدلّ على الله ( هـُ ) !
فإنه لم يَقُل أحد بذلك إلا دراويش الصوفية ! الذين يَزعمون أنهم يَذكرون الله بما يُشبِه النِّبَاح ! ( هو .. هو .. ) !
الوجه الرابع : انفراد أعجمية بهذا القول الذي لم تُسبَق إليه !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين ولم يَسْبِقه إليه أحد منهم ، فانه يكون خطأ . اهـ .
إلى غير ذلك مما يُضعف هذا القول أو يُبطِله .
والتكلّف مذموم .
فقد قال الله تبارك وتعالى لِنبيِّـه صلى الله عليه وسلم : (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) .
والله تعالى أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم


تنبيه مهم عن هذه الفتوى :
..


الرد من قول الشيخ عبدالرحمن السحيم الداعية المعروف

هذا الكلام ما كان ينبغي عليك نقله فكله كلام لا قيمة له وهو أشبه بكلام الجالسين على الطرق الصوفية
فما مدخل اللام بالجوف سبحان الله ثم سنحذفها حرفا حرفا حتى نصل إلى التكلف العجيب
وهو النزعة الصوفية الواضحة في اصطناع هذا الخبر حتى الهاء بقيت وحدها دالة على الله .

ما هذا التهريج وما علاقة هذا بالإعجاز والبلاغة يذكرني هذا بتوهان الصوفيه في أهمية حرف الباء حيث سمعت بأذني واحدا يقول أن أهم حرف في القرآن هو الباء وقد كان على المنبر خطيبا .

فقال كل سور القرآن تبدأ بالبسملة والبسملة أولها الباء والسورة التي لم تبدأ بالبسملة بدأت براءة وأولها الباء وسر الباء في نقطتها وهكذا أخذ يلهث وراء النقطة حتي أصابتني النقطة ونسي الجهول المجهال أنه لم يكن في القرآن ولا في اللغة العربية تنقيط أصلا حتى خلافة بني أمية .

وهكذا يستمر التوهان الذي تفعله الصوفية وتمارسه على العقول بعيدا عن شريعة الإسلام التى علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته .

والله أعلم

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
.

الثلاثاء، 17 يناير 2012

لفظ الجلالة: (الله)، إشتقاقه ومعناه - منقول من موقع الإعجاز البياني في القرآن الكريم

أثناء بحثي في أصل اسم الجلالة (الله) في اللغة العربية، مررت بهذا المقال، أو الخلاصة البحثية. وجدت فيها فائدة كبيرة وأتمنى أن تستفيد أنت كذلك.

Allaah, Allah or God


_____________________

كتبه: محمد إسماعيل عتوك (مجاز في اللغة العربية وباحث في الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم)

جاء في حاشية الكشاف للزمخشري :« اعلم أن العقلاء ، كما تاهوا في ذات الله وصفاته لاحتجابها بأنوار العظمة وأستار الجبروت ، كذلك تحيَّروا في لفظ ( الله ) ؛ كأنه انعكس إليه من مُسمَّاه أشعة من تلك الأنوار ، قهرت أعين المستبصرين به عن إدراكه ، فاختلفوا : أسرياني هو ، أم عربي ؟ اسم هو ، أم صفة ؟ مشتقٌّ ، وممَّ اشتقاقُه ، وما أصله ، أو غير مشتقٍّ ؟ علمٌ هو ، أو غير علم ؟ » .
وقد اضطربت أقوال العلماء في الإجابة عن هذه الأسئلة ، وكثر في ذلك نزاعهم ، وتباينت فيه آراؤهم ؛ ولذلك وجدنا الزجَّاج يقول :« وأكره أن أذكر جميع ما قاله النحويون في اسم الله . أعني : قولنا : الله ، تنزيهًا لله عز وجل » . وكان الزجاج قد ذكر أن الألف فيه ألف وصل ، ثم حكى في موضع آخر عن سيبويه أنه قال : « سألت الخليل عن هذا الاسم ، فقال : الأصل فيه : إِلاهٌ ، فأدخِلَت الألف واللام بدلاً من الهمزة » . وقال مرة أخرى :« الأصل : لاه ، وأدخلَت الألف واللام لازمة »
والقول الأول من هذين القولين هو قول جمهور البصريين ، والقول الثاني منهما هو قول جمهور الكوفيين . وعلى الأول يكون وزن اسم الله : العال ؛ لأن أصله : الإله ، حذفت منه الهمزة تخفيفًا ، أو اختصارًا- كما قالوا-  ثم أدغمت اللام في اللام . وعلى القول الثاني يكون وزنه : الفَعَل ؛ لأن أصله : لاه ، أدخلت عليه الألف واللام للتعريف .
والمشهور من هذين القولين هو القول الأول ، وقد أجمع القائلون به على أن الألف واللام فيه زائدة لازمة ، وأنه اسم علم عربي . ثم اختلفوا فيه على قولين :
أحدهما : أنه غير مشتقٍّ . والثاني : أنه مشتقٌّ من التأَلُّه ، مصدر : تأَلَّهَ يتأَلَّه ، فهو مُتأَلِّهٌ . أي : تعبَّد يتعبَّد ، فهو مُتعبِّد . أو هو مشتقٌّ من الأَلَه ، مصدر : أَلِهَ يأْلَهُ . أي : تحيَّر ، ودُهِشَ ؛ وذلك أن الأوهام تتحيَّر في معرفة المعبود ، والعقول تُدْهَشُ عند التفكير في عظمته ، فلا يعلم أحدٌ كيف هو ؟!
وذهب فريق ثالث إلى أنه اسم علم مرتجل ، لا اشتقاق له ، وأنه ليس له أصل في لغة العرب ، ولا في غيرها ، وأن الألف واللام فيه من جنس الكلمة . وقد نُقِل هذا القول عن الخليل ، وعنه حكاه البَيْهَقِيُّ ، ثم قال بعد أن عرض الأقوال السابقة :« وأحبُّ هذه الأقاويل إليَّ قول من ذهب إلى أنه اسم علم ، وليس مشتقًّا . والدليل على أن الألف واللام من بُنْيَة هذا الاسم دخول حرف النداء عليه ؛ كقولك : يا ألله ! وحرف النداء لا يجمَع مع الألف واللام » .  
واختار هذا القول الشيخ ابن العربي ، وتابعه الشيخ السُّهَيْليُّ ، فقال : « والذي نشير إليه من ذلك ، ونؤثره ما اختاره شيخنا- رضي الله عنه- وهو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن العربي ، قال : الذي أختاره من تلك الأقوال كلها هذا : أن الاسم غير مشتقٍّ من شيء ، وأن الألف واللام من نفس الكلمة ؛ إلا أن الهمزة وصلَت لكثرة الاستعمال ، على أنها فيه جاءت مقطوعة في القسم ، حكى سيبويه : أَفَأَلله لأفعلَنَّ ، وفي النداء ؛ نحو قولهم : يا أَلله ! فهذا يقوِّي أنها من نفس الكلمة » .
وأضاف الشيخ السهيلي قائلاً :« ويدلك على أنه غير مشتقٍّ أنه سبق الأشياء التي زعموا أنه مشتقٌّ منها . لا نقول : إن اللفظ قديم ؛ ولكنه متقدِّم على كل لفظ وعبارة ، ويشهد بصحة ذلك قوله تعالى :﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (مريم:65) ، فهذا نصٌّ في عدم المسمَّى ، وتنبيه على عدم المادة المأخوذ منها الاسم » .
وعلَّق أبو حيان على هذا القول ، فقال :« وزعم بعضهم أن ( ال ) في ( الله )  من نفس الكلمة ، ووصلت لكثرة الاستعمال ، وهو اختيار أبي بكر بن العربي والسهيلي ، وهو خطأ ؛ لأن وزنه- إذ ذاك- يكون : فعَّالاً ، وامتناع تنوينه لا موجب له ، فدل على أن ( ال ) حرف داخل على الكلمة سقط لأجلها التنوين » .
أما ابن قيِّم الجوزيَّة فعلق على قول السهيلي ، وشيخه ابن العربي ، فقال :« زعم السهيلي ، وشيخه أبو بكر بن العربي أن اسم ( الله ) غير مشتق ؛ لأن الاشتقاق يستلزم مادة يُشتَقُّ منها ، واسمه تعالى قديم ، والقديم لا مادة له ، فيستحيل الاشتقاق .. ولا ريب أنه ، إن أريد بالاشتقاق هذا المعنى ، وأنه مستمدٌّ من أصل آخر ، فهو باطل ؛ ولكن الذين قالوا بالاشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ، ولا ألمَّ بقلوبهم ؛ وإنما أرادوا أنه دالٌّ على صفة له تعالى ، وهي الإلهيَّة ، كسائر أسمائه الحسنى ، كالعليم والقدير ، والغفور والرحيم ، والسميع والبصير ؛ فإن هذه الأسماء مُشتقَّة من مصادرها بلا ريب ، وهي قديمة ، والقديم لا مادة له ، فما كان جوابكم عن هذه الأسماء ؟ فهو جواب القائلين باشتقاق اسم ( الله ) .
ثم الجواب عن الجميع : أننا لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى ، لا أنها متولِّدة منها تولُّد الفرع من أصله . وتسمية النحاة للمصدر والمشتقِّ منه : أصلاً وفرعًا ، ليس معناه : أن أحدهما تولَّدَ من الآخر ؛ وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمَّن معنى الآخر ، وزيادة . وقول سيبويه : إن الفعل أمثلة أخِذَت من لفظ أحداث الأسماء ، هو بهذا الاعتبار ، لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولاً ، ثم اشتقُّوا منها الأفعال ؛ فإن التخاطب بالأفعال ضروريٌّ ؛ كالتخاطب بالأسماء ، لا فرق بينهما . فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاقًا ماديًّا ؛ وإنما هو اشتقاقُ تلازمٍ ، سُمِّيَ المتضمِّن بالكسر مشتقًّا ، والمتضمَّن بالفتح مشتقًّا منه ، ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى » .
هذا وقد تتبَّع الأستاذ حسين الهمذاني محقق كتاب الزينة لأبي حاتم الرازي هذا الاسم مع مقارنته مع نظائره في اللغات السامية الأخرى ، فوجد أنه قد استُعمل بلفظ ( إلوه ) في العبرية ، و( إلاه ) في الآرامية ، و( ألوها ) في السريانية ، و( إلاَّه ) في العربية الجنوبية ، ممَّا يدل على أنه اسم علم . وقد ذكر الأستاذ الهمذاني أن الكلمة الأصلية لهذا الاسم في جميع اللغات السامية هي ( إلّ ) ، ثم أخذت صورًا يختلف بعضها عن بعض ؛ ولهذا فهو يرى أنه : اسم علم جامد ، وأنه عربي قديم ، ولا يحتاج إلى اشتقاقه من ( أله يأله ) ، أو من ( وله يأله ) . وقد لاقى هذا القول قبولاً ، وتأييدًا من قبل بعض الباحثين المعاصرين .           
وخلاصة القول في ذلك :
أولاً- أن لفظ الجلالة ( الله ) هو اسم عربي قديم ، وهو اسم علم جنسي ، أطلقه الله جل وعلا على ذاته المقدسة ، وخصَّها به دون غيرها من الذوات المخلوقة . وقوله تعالى :﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾(مريم:65) يدل على أنه قد سبق الأسماء كلها ، ولم يتقدَّم عليه لفظ أو عبارة ، وأنه لم يسمَّ به أحد غير الله جل وعلا ، بخلاف غيره من أسماء الله الحسنى التي تدل على صفاته جل وعلا ، على سبيل التمام والكمال . روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ، فقال :« يا ابن أمِّ عبد ! قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، هكذا أقرأنيه جبريل عليه السلام من القلم من اللوح المحفوظ » .
قال الخليل في معجم العين مادة ( أله ) :« إن اسم الله الأكبر هو : الله ، لا إله إلا هو وحده » . وقال الزجاج :« جاء في التفسير : أن اسم الله الأعظم هو : الله » .
وقال ابن خالويه :« وقيل : اسمه الأعظم : الله . وقيل : اسمه الأعظم : يا ذا الجلال والإكرام . وقيل : يا حيُّ يا قيُّومُ . والذي أذهب إليه : أن هذه الأسماء كلها صفات لله تبارك وتعالى ، وثناء عليه ، وهي الأسماء الحسنى ؛ كما قال الله :﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾(الأعراف:180) » .
وعقد أبو حاتم الرازي في كتابه الزينة فصلاً بعنوان :( انفراده تعالى باسم الله ) ، قال فيه :« قال بعض العلماء : اسمه الله ؛ لأنه تفرَّد بهذا الاسم ، فلم يسمَّ بهذا الاسم شيء من الخلق ، ولم يوجد هذا الاسم لشيء من الأشياء ، ووجدنا غيره من أسمائه الحسنى نعوتًا وصفات لهذا الاسم الواحد . وإنما جاز أن يقال لها : أسماء ، وهي صفات ونعوت ؛ لأن النعت يقوم مقام الاسم ، ويكون خلفًا له . فهذا الاسم مستوْلٍ على الأسماء كلها . أعني : الله عز وجل ، وإليه تنسَب الأسماء كلها . قال الله عز وجل :﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾(الأعراف:180) ، فنسب إلى هذا الاسم الأسماء كلها .. والبَرُّ والفاجر انقادا له بهذا الاسم كَرْهًا ، أو طَوْعًا . وتسمَّى الناس بسائر الأسماء ، ولم يتسَمَّوْا بهذا الاسم الواحد ، وهو الله ؛ ولهذا جاء اسم الله جل ذكره مكَرَّرًا أمام كل اسم من أسمائه الحسنى » .
ثانيًا- قال الخليل في معجم العين :« الله : لا تطرح الألف من الاسم ؛ إنما هو : الله ، على التمام ، وليس الله من الأسماء التي يجوز منها اشتقاق فعل ؛ كما يجوز في : الرحمن الرحيم  » .
وهذا يعني أن الألف واللام فيه من أصل الكلمة ، وأن همزته- في الأصل- هي همزة قطع ، لا وصل ؛ ولكنها وصِلَت لكثرة الاستعمال ، وأنه لا يتصرَّف تصرُّف غيره من الأسماء ، فيشتَقٌّ منه فعل ؛ كما يشتقُّ منها . فهو بهذا الاعتبار فقط يكون جامدًا . أي : غير متصرف . أما باعتبار أنه يلتقي مع غيره من الأسماء الجامدة ، والمصادر المتصرِّفة في لفظه وفي معناه فهو مشتقٌّ .
وأما قول بعض العلماء :« والذين أشركوا في عبادته وعبدوا غيره ، اشتقوا له أسماء من اسمه ، فسمُّوا أوثانهم : آلهة » . ثم قوله بعد ذلك :« وليس هذا الاسم بمشتقٍّ من نعت ، كالقادر من القدرة ، والراحم من الرحمة ، والعالم من العلم ، وإنما هو اسم لا تشاركه صفة » فهو ليس بشيء ؛ لأنه مبني على فهم غير صحيح لمعنى لفظ الجلالة ، ولمعنى الاشتقاق . ولتوضيح ذلك لا بدَّ من أن نفهم معنى الاشتقاق- كما فسره ابن قيِِّم الجوزية في قوله الذي تقدم ذكره ، وكما هو مقرَّر في علم اللغة- وذلك أن الكلمات في اللغة العربية تنقسم من حيث اشتقاقها ، وعدمه إلى قسمين :
القسم الأول : كلمات صلبة ليس لها مادة اشتقاقية من لفظها ، ولا يُشتَقُّ منها ؛ نحو : إذ ، وإذا ، وحيث ، ومتى ، ومن ، وما ، والذي ، والتي ، وهذا ، وتلك .
القسم الثاني : كلمات مشتقَّة ؛ وهي نوعان : متصرِّفة . وغير متصرِّفة . أما المتصرِّفة فهي التي تعرف بالمصادر ؛ نحو : العلم والجهل ، والصدق والكذب . وأما غير المتصرِّفة فهي التي تطلق على الذوات ؛ نحو : رجل وفرس ، ونجم وكوكب .
فهذه الكلمات- بنوعيها- هي كلمات مشتقة ، ومادة اشتقاقها جميعًا هي حروفها الأصلية . ومن النوع الأول :( الأله ) ، بمعنى : التحيُّر ، و( الوله ) ، بمعنى : الفزع . و( التألُّهُ ) ، بمعنى: التعبُّد . ومن النوع الثاني : لفظ الجلالة :( الله ) ، و( إله ) . ومن هنا لا يجوز أن يقال : إن لفظ الجلالة ( الله ) أصله :( إله ) ؛ لأن كل واحد منهما أصل . كما لا يجوز أن يقال : إن ( إله ) مشتَقٌّ من لفظ الجلالة :( الله ) ، أو العكس ؛ لأن كلاًّ منهما مشتقٌ . كذلك لا يجوز أن يقال : إن كلاًّ من لفظ الجلالة :( الله ) ، ولفظ :( إله ) مشتق من ( الأله ) ، أو ( الوله ) ، أو ( التألُّهُ ) ، وإن تلاقى الجميع في اللفظ والمعنى ؛ لأن هذه الألفاظ مصادر ، وهي من نوع الأسماء المتصرِّفة ، ولفظ الجلالة :( الله ) ، ولفظ :( إله ) من نوع الأسماء غير المتصرِّفة . وإن سمِّي أحدهما مشتقًّا والآخر مشتقًّا منه ، فمن باب التجوز ؛ لأن ما بينهما هو اشتقاق تلازمي ، لا اشتقاق مادي .
ويدلك على أن لفظ ( إله ) ليس أصلاً للفظ الجلالة ، ولا مشتقًّا منه أمور ؛ منها :
1- أن لفظ ( إله ) هو أحد أسماء الله الحسنى ، المشار إليها بقوله تعالى :﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (الأعراف:180) . والدليل قوله تعالى :﴿ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لا إِلهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (البقرة:163) .
2- أن القرآن الكريم فرَّق بينهما في الاستعمال ، فأتى بلفظ ( إله ) وصفًا للفظ الجلالة في كثير من الآيات ؛ منها قوله تعالى :﴿ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ ولاَ نَوْمٌ ﴾(البقرة:255) . وقد جاءت هذه التفرقة صريحة بين اللفظين في قوله تعالى :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾(الأنبياء:22) ، فغاير سبحانه بين لفظ ( الآلهة ) ، وهي جمع :( إله ) ، وبين لفظ ( الله ) ، كذلك جاءت هذه المغايرة صريحة على ألسنة الكفار الذين اتخذوا من الأصنام آلهة يعبدونها ؛ لتقربهم إلى الله جل وعلا ، وقد حكى القرآن ذلك عنهم في قوله تعالى :﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾(الزمر:3) .
كل ذلك يدل دلالة واضحة وصريحة على أن لفظ ( إله ) هو غير لفظ ( الله ) جل ذكره . وإن دل ذلك على شيء ، فإنما يدل على أن المعبود بحق هو الله جل جلاله ، وأن ما سواه فباطل ؛ وذلك ما يفهم من قوله تعالى :﴿ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾(آل عمران:62) ، وقوله تعالى :﴿ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾(ص:65) . فكما أن الله تعالى ليس كمثله شيء ، فكذلك اسمه تعالى ليس كمثله اسم !
3- أن كلا اللفظين قد ورد كثيرًا في الشعر الجاهلي قبل نزول القرآن ؛ كقول النابغة الذبياني في مدح النعمان بن المنذر ملك الغساسنة :
ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه *** وما أحاشي من الأقوام من أحد
إلا سليمـــان إذ قال الإله له ***  قم في البرية فاحددها عن الفند
وقول امرىء القيس :
فاليوم أشرب غير مستحقب ** إثمًا من الله ولا واغل
وهذا يؤكِّد أن لفظ ( إله ) يختلف عن لفظ الجلالة ( الله ) في الاستعمال الجاهلي ؛ لأن ورود اللفظين في فترة واحدة في الشعر يدل على أن كلاًّ منهما مستقلٌّ عن الآخر ، كما يدل على أن لفظ الجلالة ( الله ) كان مألوفًا عند العرب ، يجري على ألسنتهم جريانًا طبيعيًّا ، وأنه قديم في استعمالهم اللغوي ، وأنهم كانوا يفرقون بينه ، وبين لفظ ( الإله ) ؛ ولهذا سمُّوا أصنامهم :( آلهة ) ، وكانوا يطلقون على كل إله منها اسمًا ، يعرَف به ؛ كـ( اللَّات ) ، و( العُزَّى ) ، و( مُناة الثالثة ) ، ولم يطلق أحد منهم على صنم من تلك الأصنام اسم ( الله ) تعالى .
4- أن كلًا من لفظ ( الله ) ، و ( الإله ) يشبه في لفظه وبنائه اللغوي نظائره في اللغات السامية الأخرى . ففي العبرية :( إلوه ) ، وفي الآرامية :( إلاه ) ، وفي السريانية :( إلوها ) ، وبهذا المعنى شاع في اللغات السامية . والكلمة الأصلية لتلك الأسماء في هذه اللغات هي :( إلّ ) بتشديد اللام ، ومعناها : الله جل وعلا . قال الأستاذ حسين الهمذاني :« ولا يخفى أن مرادف كلمة ( إلاه ) في العربية الجنوبية القديمة هي :( إلّ ) ، وفي العبرية الأصلية هو :( إلو ) ، وقد احتفظت الكلمة العربية الجنوبية بصورتها ودلالتها ، وعاشت الكلمة العبرية في الأسماء المركبة ؛ مثل :( بيت الله ) ، وندر استعمالها بمعنى ( الله ) . ولما كانت ( إلو ) يحتمل أن تشير إلى رئيس الآلهة في ( البانسيون ) ، فقد حلَّت محلَّها الكلمة الآرامية ( إلوه ) ، بصيغتها الثانوية ، وجمعها :( إلوهيم ) . وفي حين أن الكلمة ( إلوه ) كانت نادرة الاستعمال في صيغة المفرد ، تطورت صيغة الجمع ( إلوهيم ) ، ومعناها : الآلهة ، إلى أن أصبحت دالة على الإله الواحد الفرد الذي يجمع أسماء الله وصفاته - كما حكاه كوخلر- وإلى هذا المعنى أشار علماء العربية في تفسير ( اللهم ) ، في قوله تعالى :
﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾(آل عمران:26) . قال الحسن البصري :« اللهم مجمع الدعاء » . وقال أبو رجاء العطاردي :« هذه الميم في قولك : اللهم ، فيها جماعة سبعين اسمًا من أسماء الله » . وقال النضر بن شُمَيْل :« من قال : اللهم ، فقد دعاه بجميع أسمائه كلها » .
فقد ثبت بما تقدم أن هذه الأسماء ترجع إلى أصل واحد ؛ وهو ( إلّ ) ، وأن لكل واحد منها دلالته واستقلاله عن الآخر ، وتجمعها جميعًا مادة اشتقاقية واحدة هي أصولها المؤلَّفة من ( الهمزة ، واللام ، والهاء ) ، والتي تدور معانيها حول : الربوبية ، والإلهيَّة ، والتعالي ، والهيمنة ، والقدرة .. إلى غير ذلك من الصفات التي لا يمكن لبشر أن يتَّصف بها . وأكثر تلك الأسماء دلالة على هذه المعاني هو لفظ الجلالة :( الله ) ، وهو اسمه سبحانه . قال الليث :« بلغنا أن اسم الله الأكبر هو : الله لا إله إلا الله وحده » . وأحسن ما قيل في تفسيره قول ابن عباس رضي الله عنهما :« هو الذي يأله كل شيء ، ويعبده كل خلق » ، سبحانه وتعالى !!!
بقلم : محمد إسماعيل عتوك