الخميس، 26 يونيو 2014

[الأمر العظيم لـ #غض_البصر (في الآيات ٣٠-٣١)، من #سورة_النور العظيمة، وفيه: مما جاء في فوائد غض البصر لـ#ابن_القيم وغيره]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

يقول الله، نور السماوات والأرض:

قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ
[النور: 30-31]

لا شك أن غض البصر له فوائد عظيمة، فمن فوائده:

أولا: أنه طاعة لله تعالى الكبير المتعال الذي أمر بغض البصر فقال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ • وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}

ثانيا: أنه طاعة لرسول الله صلوات ربي وسلامه عليه القائل: لا تتبع النظر النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة. رواه أبو داود والترمذي.

ثالثا: أن غض البصر يورث الحكمة والنور في القلب والبصيرة، فمن ترك النظر إلى ما حرم الله بنور عينه عوضه الله تعالى نورا في القلب، فيطلق له نور بصيرته يبصر به الحق من الباطل، والجزاء من جنس العمل، ولعل هذا هو السر في ذكر آية غض البصر في سورة النور؛ كما أشار إليه شيخ الإسلام [ابن القيم الجوزية، قائلا: "أنه يكسب القلب نورا، كما أن إطلاقه يكسبه ظلمة، ولهذا ذكر سبحانه آية النور عقيب الأمر بغض البصر، فقال: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم} ثم قال إثر ذلك: {الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} أي مثل نورِه في قلبِ عبدِه المؤمن الذي امتثلَ أوامرَه، واجتنبَ نواهيَه، وإذا استنار القلب؛ أقبلتْ وفودُ الخيرات إليه من كل جانب، كما أنه إذا أظلمَ؛ أقبلت سحائبُ البلاءِ والشرِّ عليه من كل مكان.]

رابعا: أن غض البصر من أعظم السبل لحفظ الفرج، فإن الله تعالى أمر بغض البصر قبل أن يأمر بحفظ الفرج، وتأمل الآية الكريمة.

خامسا: أن غض البصر فيه تزكية للنفس وتطهير لها من أوحال الرذيلة، ولذا قال تعالى بعد الأمر بغض البصر: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ .

سادسا: أن في غض البصر شكرا لله تعالى على نعمة البصر، فإن البصر نعمة من الله تعالى؛ كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ} [الملك، من الآية: 23]. وحق النعم الشكر عليها، فمن غض بصره فقد شكر الله تعالى حيث لم يستعمل نعمة الله في معصيته.

سابعا: أن غض البصر يورث محبة الله تعالى، قال مجاهد: غض البصر عن محارم الله يورث حب الله.

ثامنا: أن في غض البصر استعلاء على النفس الأمارة بالسوء، وإغلاقا للنافذة الأولى من نوافذ الفتنة والغواية، ودليلا صادقا على قوة العزيمة.

تاسعا: أن في غض البصر سلامة القلب من أمراض الشهوات وراحة له مما لا صبر له عليه، ورب نظرة أورثت ذلا في الدنيا وخزيا في الآخرة.

عاشرا: أن في غض البصر حفظا للمجتمع أجمع من الانزلاق وراء سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي، وحماية له من الوقوع في حمأة الرذيلة والفاحشة.

الحادي عشر: أن غض البصر من حسن الخلق وأفعال ذوي المروءة، حتى إن أهل الجاهلية كانوا يفتخرون بغض البصر.

الثاني عشر: أن غض البصر يورث الفراسة، فمن غض بصره وداوم على أكل الحلال لم تكد تخطئ له فراسة.

قال ابن شجاع الكرماني: "من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم.. لم تخطئ له فراسة."

وانظر كيف أخبر الله عن قوم لوط فقال عنهم: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: 72]. [يقول ابن القيم: "وصفهم بالسكرة التي هي فساد العقل، وعمه الذي هو فساد البصر، فالتعلق بالصور يوجب فساد العقل، وعمه البصيرة يسكر القلب."]

هذه بعض فوائد غض البصر وإلا فهي كثيرة لا تدخل تحت حصر.

والله أعلم.

*موقع Islamweb.net، على الرابط: 
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=78760

الأربعاء، 25 يونيو 2014

[#تدبر_آية #سورة_النور، ٢٧: وفيها #الآداب_القرآنية في الاستئذان وكيفيته من #هدي النبي محمد، صلى الله عليه وسلم]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

يقول الله السميع العليم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

هذه آداب شرعية أدب الله بها عباده المؤمنين، أمرهم أن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم حتى (يستأنسوا) أي يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده، وينبغي أن يستأذن ثلاث مرات، فإن أذن له وإلاّ انصرف كما ثبت في "الصحيح" أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثاً، فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر: ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وإني سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول:
"إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فلينصرف"، فقال عمر: لتأتيني على هذا ببينة وإلاّ أوجعتك ضرباً، فذهب إلى ملإ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلاّ أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك، فقال: ألهاني عنه الصفق بالأسواق.

وعن أنس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، استأذن على سعد بن عبادة فقال: "السلام عليك ورحمة الله" فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى سلم ثلاثاً، ورد عليه سعد ثلاثاً، ولم يسمعه، فرجع النبي، صلى الله عليه وسلم، فاتبعه سعد فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلاّ وهي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيباً، فأكل نبي الله، فلما فرغ قال: "أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون". 
***
ثم ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره، لما رواه أبو داود عن عبد الله بن بشر قال:
"كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: "السلام عليكم، السلام عليكم"، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذٍ ستور.

وعن جابر قال:
"أتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في دين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: "من ذا؟" فقلت: أنا، قال: "أنا أنا". 
كأنه كرهه، وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يعرف صاحبها حتى يفصح باسمه أو كنيته التي هي مشهور بها، وإلاّ فكل أحد يعبر عن نفسه بأنا، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان المأمور به في الآية.

وعن عمرو بن سعيد الثقفي "أن رجلاً استأذن على النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أألج أو أنلج؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لأمة له يقال لها روضة: "قومي إلى هذا فعلميه، فإنه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول السلام عليكم أأدخل؟ "فسمعها الرجل فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فقال: "ادخل". 

وقال مجاهد: جاء ابن عمر من حاجة وقد آذاه الرمضاء، فأتى فسطاط امرأة من قريش، فقال: السلام عليكم أأدخل، قالت: ادخل بسلام، فأعاد، فأعادت وهو يراوح بين قدميه قال: قولي "ادخل"، قالت ادخل.

وروى هشيم عن ابن مسعود قال: عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم، وقال أشعث عن (عدي بن ثابت) أن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها، لا والد ولا ولد، وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال، قال: فنزلت: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً} الآية.

وقال ابن مسعود: عليكم الإذن على أمهاتكم، وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا، وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلاّ فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به، لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها.

وروى ابن جرير عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق، كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه. وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته، وقال مجاهد: {حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ} قال: تنحنحوا ...، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: إذا دخل الرجل بيته استحب له أن يتنحنح أو يحرك نعليه. 
***
وقال مقاتل بن حيان في الآية: كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه لا يسلم عليه، ويقول: حييت صباحاً وحييت مساء، وكان ذلك تحية القوم بينهم، وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه، فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول: قد دخلت ونحو ذلك، فيشق ذلك على الرجل، ولعله يكون مع أهله، فغّير الله ذلك كله في ستر وعفة، وجعله نقياً نزهاً من الدنس والقذر والدرن.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الثلاثاء، 24 يونيو 2014

[#تدبر_آية #سورة_النور، ٢٢: وفيها قصة أبو بكر الصديق مع إبن خالته مسطح بن أثاثة، رضي الله عنهما]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

يقول الله أحكم الحاكمين:

وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ

يقول الله تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ} من الألية وهي الحلف، أي لا يحلف {أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ} أي الطول والصدقة والإحسان، {وَٱلسَّعَةِ} أي الجدة، {أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ}، أي لا تحلفوا أن لا تصلوا قراباتكم المساكين والمهاجرين، وهذا في غاية الترفق والعطف على صلة الأرحام، ولهذا قال تعالى: {وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ} أي عما تقدم منهم من الإساءة والأذى، وهذا من حلمه تعالى وكرمه ولطفه بخلقه مع ظلمهم لأنفسهم. 

وهذه الآيات نزلت في (الصدّيق) رضي الله عنه، حين حلف أن لا ينفع (مسطح بن أثاثة) بنافعة أبداً، بعدما قال في عائشة ما قال كما تقدم في الحديث، فلما أنزل الله براءة أم المؤمنين عائشة، وطابت النفوس المؤمنة واستقرت، وتاب الله على من كان تكلم من المؤمنين في ذلك، وأقيم الحد على من أقيم عليه، شرع تبارك وتعالى - وله الفضل والمنة - يعطف الصديق على قريبه ونسيبه، وهو مسطح بن أثاثة، فإنه كان ابن خالة الصديق، وكان مسكيناً لا مال له إلاّ ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله، وقد زلق زلقة تاب الله عليه منها وضرب الحد عليها. وكان الصديق رضي الله عنه معروفاً بالمعروف، له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب، فلما نزلت هذه الآية، قال الصديق: "بلى والله إنا نحب أن تغفر لنا ربنا"، ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة وقال: "والله لا أنزعها منه أبداً". 

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الأحد، 22 يونيو 2014

[#التأديبات القرآنية الثلاث من #حادثة_الإفك وتبرئة #أم_المؤمنين، #عائشة_رضي_الله_عنها.. كما ذكرها ابن كثير]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

•••التأديب الأول

قوله تعالى:
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ
[النور : ١٢]

هذا تأديب من الله تعالى للمؤمنين في قصة عائشة رضي الله عنها حين أفاض بعضهم في ذلك الكلام السوء وما ذكر من شأن الإفك، فقال تعالى: {لَّوْلاۤ} يعني هلا {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} أي ذلك الكلام الذي رميت به أم المؤمنين رضي الله عنها {ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} أي قاسوا ذلك الكلام على أنفسهم، فإن كان لا يليق بهم فأم المؤمنين أولى بالبراءة منه بطريق الأولى والأحرى.

روي أن أبا أيوب (خالد بن زيد الأنصاري) قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب، أما تسمع ما يقول الناس في عائشة، رضي الله عنها؟ قال: نعم، وذلك الكذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك، فلما نزل القرآن وذكر أهل الإفك، قال الله عزَّ وجلَّ: {لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ}، يعني أبا أيوب حين قال لأم أيوب ما قال. وقوله تعالى: {ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ} الخ: أي هلا ظنوا الخير، فإن أم المؤمنين أهله وأولى به، هذا ما يتعلق بالباطن، وقوله: {وَقَالُواْ}: أي بألسنتهم {هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ}، أي كذب ظاهر على أم المؤمنين رضي الله عنها. 

•••التأديب الثاني

قوله تعالى:
وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ
[النور: ١٦]

هذا تأديب آخر بعد الأول، يقول الله تعالى: {وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا} أي ما ينبغي لنا أن نتفوه بهذا الكلام ولا نذكره لأحد {سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} أي سبحان الله أن يقال هذا الكلام على زوجة رسوله، وحليلة خليله، ثم قال تعالى: {يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً} أي ينهاكم الله متوعداً أن يقع منكم ما يشبه هذا أبداً، أي فيما يستقبل، ولهذا قال: {إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} أي إن كنتم تؤمنون بالله وشرعه وتعظمون رسوله، صلى الله عليه وسلم. ثم قال تعالى: {وَيُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلآيَاتِ}، أي يوضح لكم الأحكام الشرعية والحكم القدرية، {وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي عليم بما يصلح عباده، حكيم في شرعه وقدره.

•••التأديب الثالث

قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
[النور: ١٩]

هذا تأديب ثالث لمن سمع شيئاً من الكلام السيء فقام بذهنه شيء منه وتكلم به، فقد قال تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ} أي يختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي ٱلدُّنْيَا} أي بالحد، وفي الآخرة بالعذاب {وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} أي فردوا الأمر إليه ترشدوا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

"لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته".

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الأربعاء، 18 يونيو 2014

[لئن أدركت #رمضان، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع]

عن أنس، رضي الله عنه، قال: غاب عمي أنس ابن النضر، رضي الله عنه، عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين.. لئن الله أشهدني قتال المشركين، ليرين الله ما أصنع.

فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: ياسعد بن معاذ، الجنة ورب الكعبة، إني أجد ريحها من دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه.

قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآيه نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه...} إلى آخرها، [الأحزاب: 23]. (متفق عليه)

••• قال بعض الفضلاء: 
 (لئن أدركت رمضان، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع)

قالوا هذا الكلام الجميل مقتدين بالعهد الذي قطعه أنس، رضي الله عنه، على نفسه، أمام الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وقد صدق في عهده.

••• وإقتداءً بأنس، رضي الله عنه، وبالمجتهدين كذلك، قد يقول رجل قصر في عبادة من العبادات، كالصلاة مثلا: 
(لئن أدركت الصلاة القادمة، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع)

••• ومنهم من يقول: 
(لئن أدركت الحج القادم، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع)

••• ومنهم من يقول: 
(لئن رزقني الله من فضله، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع من الإنفاق)

••• ومنهم من يقول كما قال أنس تماما، رضي الله عنه، في شأن فريضة الجهاد في سبيل الله.

••• ومنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..


#منقول

الأحد، 15 يونيو 2014

[#حادثة_الإفك وعشر آيات من #سورة_النور في تبرئة عرض الرسول الكريم وأم المؤمنين، #عائشة، رضي الله عنها]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

بيان القصة كما في الأحاديث الصحيحة:

"عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يخرج لسفر أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معه، قالت عائشة رضي الله عنها: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، وخرجت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذلك بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذن بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونني، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه، قالت: وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلن ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي.

فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته، فوطئ على يدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبره (عبد الله بن أبي بن سلول).

فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمناها شهراً والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أرى من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اللطف الذي أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيسلم ثم يقول: "كيف تيكم؟" فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت بعدما نقهت [شُفيت] وخرجت معي أم مسطح قِبَل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلاّ ليلاً إلى ليل؛ وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه في البرية، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها في بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح ... وابنها مسطح بن أثاثة، فأقبلت أنا وابنة أبي رهم أم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح! فقلت لها: بئسما قلت، تسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت: أي هنتاه ألم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً إلى مرضي.

فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسلم، ثم قال: "كيف تيكم؟" فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذٍ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فجئت أبوي، فقلت لأمي: يا أمتاه، لماذا يتحدث الناس به؟ فقالت أي بنية، هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلاّ أكثرن عليها، قالت، فقلت: سبحان الله، وقد تحدث الناس بها؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي.
قالت: فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (علي بن أبي طالب) و (أسامة بن زيد) حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود، فقال أسامة: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلاّ خيراً، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك الخبر، قالت: فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بريرة فقال: "أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟" فقالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، إن رأيت منها أمراً قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله. 

فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو على المنبر: "يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي"، ... قالت: وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذا استأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي.

فبينا نحن على ذلك إذ دخل علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسلم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيء. قالت: فتشهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين جلس، ثم قال: "أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب تاب الله عليه"، قالت: فلما قضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله، فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن: والله لقد علمت، لقد سمعتم بهذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقونني، ولئن اعترفت بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتُصَدِّقُني، فوالله ما أجد لي ولكم مثلاً إلاّ كما قال أبو يوسف: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}. قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، قالت وأنا والله أعلم حينئذٍ أني بريئة، وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي، ولكن: والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحيٌ يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت: فوالله ما رام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتى أنزل الله تعالى على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق، وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت: فسري عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: "أبشري يا عائشة، أما الله عزَّ وجلَّ فقد برأك".

قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلاّ الله عزَّ وجلَّ، هو الذي أنزل براءتي، وأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم...} العشر آيات كلها [الآيات بدءا من النور: ١١]."

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

السبت، 14 يونيو 2014

[#سبب_نزول الآيات ٦-١٠ من #سورة_النور: وفيها #قصة الصحابي #هلال_بن_أمية و#الملاعنة]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

يقول الله العزيز الحكيم:

وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ... [الآيات حتى]: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
 [النور: ٦-١٠]

عن ابن عباس، رضي الله عنه، قال:

"لما نزلت {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً}، قال سعد بن عبادة، وهو سيد الأنصار، رضي الله عنه: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟" فقالوا: يا رسول الله، لا تلمه، فإنه رجل غيور. والله ما تزوج امرأة قط إلاّ بكراً، وما طلق امرأة فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم إنها لحق وأنها من الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه، حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قال: فما لبثوا إلاّ يسيراً حتى جاء (هلال بن أمية)، وهو أحد الثلاثة الذي تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينيه وسمع بأذنيه، فلم يهيجه حتى أصبح فغدا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلاً فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما جاء به واشتد عليه واجتمعت عليه الأنصار، وقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هلال بن أمية ويبطل شهادته في الناس، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً؛ وقال هلال: يا رسول الله، فإني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم إني لصادق، فوالله إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا أنزل عليه الوحي يعرفوا ذلك في تربد وجهه، يعني فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ} الآية، فسُرِيَ عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً"، فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي عزَّ وجلَّ.

فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "فأرسلوا إليها"، فأرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عليهما فذكرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها، فقالت: كذب. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لاعنوا بينهما". فقيل لهلال، اشهد، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة قيل له: يا هلال اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قيل للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف، ثم قالت: "والله لا أفضح قومي"، فشهدت في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

ففرق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يرمي ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت لها من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق ولا متوفى عنها، وقال:
"إن جاءت به أصيهب أريشح حمش الساقين فهو الهلال، وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين فهو للذي رميت به".
فجاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"لولا الأيمان لكان لي ولها شأن". 

قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميراً على مصر، وكان يدعى لأمه ولا يدعى لأب.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الخميس، 12 يونيو 2014

[#قصة الصحابي الجليل #مرثد ابن أبي مرثد مع البغي من مكة، و#سبب_نزول آية النور الثالثة]

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رجل يقال له (مرثد ابن أبي مرثد) وكان رجلاً يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها (عناق)...، وأنه واعد رجلاً من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظل تحت الحائط، فلما انتهت إليَّ عرفتني، فقالت: مرثد؟ فقالت: مرحباً وأهلاً، هلم فبت عندنا الليلة، قال، فقلت: يا عناق حرم الله الزنا، فقالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم، قال: فتبعني ثمانية ودخلت الحديقة، فانتهيت إلى غار أو كهف، فدخلت فيه فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي، فأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا فرجعت إلى صاحبي فحملته، وكان ثقيلاً حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أحبله، فجعلت أحمله ويعينني حتى أتيت به المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقاً، أنكح عناقاً - مرتين؟ - فأمسك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت: {ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣]، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"يا مرثد، الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة، فلا تنكحها".

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

[#تدبر_آية #سورة_النور الثانية: ومما جاء في جريمة #الزنا وحده ومتى يقع]

السلام عليكم ورحمة الله..

يقول الله تعالى في محكم التنزيل:

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
 [النور: ٢]

ابتداء الكلام، وهو كالعنوان والترجمة في التبويب، فلذلك أتي بعده بالفاء المؤذنة بأن ما بعدها في قوة الجواب، وأن ما قبلها في قوة الشرط. فالتقدير: الزانية والزاني مما أنزلت له هذه السورة وفرضت [أي سورة النور].

ولما كان هذا يستدعي استشراف السامع كان الكلام في قوة: إن أردتم حكمهما فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة. وتقدم زيادة الفاء في قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} في سورة العقود. 

ثم يجوز أن تكون قصة مرثد بن أبي مرثد النازل فيها قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة... الآية}، هي سبب نزول أول هذه السورة [وذلك عندما استئذن النبي، صلى الله عليه وسلم، في الزواج من بغي اسمها "عناق"، فلم يأذن له]. فتكون آية {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} [الآية ٣] هي المقصد الأول من هذه السورة، ويكون قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [الآية ٢] تمهيدا ومقدمة للآية التي تلتها مباشرة [الآية ٣]؛ فإن تشنيع حال البغايا [الزانيات] جدير بأن يقدم قبله ما هو أجدر بالتشريع، وهو عقوبة فاعل الزنى. ذلك أن مرثد ما بعثه على الرغبة في تزوج "عناق" إلا ما عرضته عليه من أن يزني معها. 

وقدم ذكر (الزانية) على (الزاني) في الآية للاهتمام بالحكم؛ لأن المرأة هي الباعث على زنى الرجل وبمساعدتها الرجل يحصل الزنى، ولو منعت المرأة نفسها ما وجد الرجل إلى الزنى تمكينا، فتقديم المرأة في الذكر؛ لأنه أشد في تحذيرها. وقوله تعالى: { كل واحد منهما} للدلالة على أنه ليس أحدهما بأولى بالعقوبة من الآخر.  

*من تفسير ابن عاشور، رحمه الله
***

قوله تعالى: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ} أي لا تمتنعوا عن إقامة الحدود شفقةً على المحدود، ولا تخففوا الضرب من غير إيجاع؛ هذا قول جماعة أهل التفسير. وقال الشَّعْبِيّ والنَّخَعِيّ وسعيد بن جُبير: «لا تأخذكم بِهِما رأفةٌ» قالوا في الضرب والجلد. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: إقامة حدّ بأرضٍ خيرٌ لأهلها من مطر أربعين ليلة؛ ثم قرأ هذه الآية. 

ثم قرّرهم الله تعالى على معنى التثبيت والحضّ بقوله تعالى: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ}. وهذا كما تقول لرجل تحضّه: إن كنت رَجلاً فافعل كذا! أي هذه أفعال الرجال.

وقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} قيل: لا يشهد التعذيب إلا من لا يستحق التأديب. قال مجاهد: رَجُلٌ فما فوقه إلى ألف. وقال ابن زيد: لا بدّ من حضور أربعة قياساً على الشهادة على الزنى، وأن هذا باب منه. 

*من تفسير القرطبي، رحمه الله
***
[ونقلا عن فتوى من موقع الإسلام اليوم، فإن "الزنا الذي يوجب الحد هـو مغيب الحشفة ـ وهي رأس الذكر ـ في الفرج، فإن كان الزاني بكراً ( لم يتزوج) جلد مائة وغرب عاماً، وإن كان ثيباً وهو الذي سبق له أن تزوج زواجاً صحيحاً ودخل، فحده الرجم بالحجـارة حتى الموت.

ولا يعني هذا أن ما سوى ذلك من ملامسة أو ضم أو تقبيل أو نظر محرم لا يسمى زناً، بل إنه زنا، وفاعله آثم إثماً كبيراً إن لم يتب منه ويستغفر الله تعالى، والله غفور رحيم."]

السبت، 7 يونيو 2014

تفسير وتدبر قوله تعالى: (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور: ١]

السلام عليكم..

#تدبر و#تأمل أول آية من هذه السورة العظيمة..

يقول الله العزيز الحكيم:

سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
 [الآية: ١]

يقول القرطبي:
مقصود هذه السورة ذكرُ أحكام العفاف والسِّتر. وكتب عمر، رضي الله عنه، إلى أهل الكوفة: "علّموا نساءكم [هذه السورة]". وقالت عائشة، رضي الله عنها: لا تُنزلوا النساء الغُرَف ولا تعلموهنّ الكتابة وعلموهنّ [هذه السورة] والغْزل. {وَفَرَضْنَاهَا} أي فرضنا عليكم وعلى من بعدكم ما فيها من الأحكام.

ويقول ابن كثير:
يقول تعالى: هذه السورة أنزلناها، فيه تنبيه على الاعتناء بها ولا ينفي ما عداها. {وَفَرَضْنَاهَا}، قال مجاهد: أي بينا الحلال والحرام والأمر والنهي والحدود. وقال البخاري: ومن قرأ {وَفَرَضْنَاهَا} يقول: فرضناها عليكم وعلى من بعدكم. {وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}، أي مفسرات واضحات {لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}. 

ويقول الشوكاني:
{وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَات} أي: أنزلنا في غضونها وتضاعيفها، ومعنى كونها بينات: أنها واضحة الدلالة على مدلولها، وتكرير {أنزلنا} لكمال العناية بإنزال هذه السورة، لما اشتملت عليه من الأحكام.

ويقول سيد قطب:
تبدأ [هذه السورة] بإعلان قوي حاسم عن تقرير هذه السورة وفرضها بكل ما فيها من حدود وتكاليف، ومن آداب وأخلاق. فيدل هذا البدء الفريد على مدى اهتمام القرآن بالعنصر الأخلاقي في الحياة، ومدى عمق هذا العنصر وأصالته في العقيدة الإسلامية، وفي فكرة الإسلام عن الحياة الإنسانية.

ويقول الشعراوي:
{وَفَرَضْنَاهَا} الشيء المفروض يعني الواجب أن يُعمل؛ لأن المشرِّع [الله ربنا العظيم] قاله وحكم به وقدَّره.

ويقول محمد بن محمد بن مختار الشنقيطي:
استفتح الله تبارك وتعالى هذه السورة بتنبيه العباد إلى فضلها، وعلو مكانها ومنزلتها. وقد كان من عادة القرآن أن تُسْتَفتح السور فيه بمقاصده، ويذكر الله، عز وجل، فيها ما يذكره، ولكن هذه السورة خاصة استفتحها الله عز وجل بتنبيه العباد على عظيم شأنها، ولذلك اعتُبر من خصائص [هذه السورة] أن الله عز وجل استفتحها ببيان فضلها، فهذه منزلة لـ#سورة_النور لم تشاركها فيها غيرها من سور القرآن.

[من يقرأ هذه الآية في مطلع السورة يبدأ في تهيئة قلبه وعقله لتلقي الآيات البينات التي تليها، والتي بدأها الله تعالى بأمر عظيم جلل، حرّمه على المؤمنين، ورد في قوله تعالى: 

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ... الآية} [النور: ٢]].
____
*من عدة مفسرين، رحمنا الله ورحمهم

الأربعاء، 4 يونيو 2014

[صفة #ركوع_الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما ذكرها الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله]

"يركع قائلاً (الله أكبر) ويعتدل في الركوع ويطمئن ولا يعجل، ويجعل يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويسوي رأسه بظهره ويقول: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)؛ لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أما الركوع فعظموا فيه الرب) ... قالت عائشة، رضي الله عنها: (كان يكثر أن يقول في الركوع والسجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي). وهذا كله مستحب، والواجب (سبحان ربي العظيم) مرة واحدة، وإن كررها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر كان أفضل. وجاء أيضًا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول في الركوع: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح). فإذا قال مثل هذا فحسن.. اقتداءً بالنبي، صلى الله عليه وسلم.

ثم يرفع من الركوع قائلاً (سمع الله لمن حمده) إذا كان إمامًا أو منفردًا، ويرفع يديه مثلما فعل عند الركوع حيال منكبيه أو حيال أُذنيه عند قوله (سمع الله لمن حمده)، ثم بعد انتصابه واعتداله يقول: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد)، فهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وقوله، وأقرّ النبي، صلى الله عليه وسلم، شخصًا سمعه يقول: (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه) فأقره على ذلك صلى الله عليه وسلم وقال إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبادر ليكتبها ويرفعها  أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة، وإن زاد على هذا فقال: (أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، فذلك حسن؛ لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يقوله في بعض الأحيان.

ومعنى "لا ينفع ذا الجد" يعني: ولا ينفع ذا الغنى منك غناه، فالجميع فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، والجد هو الحظ والغنى. 

والواجب الاعتدال في هذا الركن ولا يعجل، فإذا رفع واعتدل واطمأن قائمًا وضع يديه على صدره، وهذا هو الأفضل، وقال بعض أهل العلم يرسلهما، ولكن الصواب أن يضعهما على صدره فيضع كف اليمنى على كف اليسرى على صدره، كما فعل قبل الركوع وهو قائم، هذه هي السنة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.


*من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز، على موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء:
http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=4&View=Page&PageNo=1&PageID=1713&languagename=

الاثنين، 2 يونيو 2014

صفة #سجود_الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما ذكرها الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله

"يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه مستقبلا بأصابع رجليه ويديه القبلة، ضاما أصابع يديه. ويكون على أعضائه السبعة: الجبهة والأنف، واليدين، والركبتين، وبطون أصابع الرجلين، ويقول: (سبحان ربي الأعلى) ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر، ويستحب أن يقول مع ذلك: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي). ويكثر من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم). وقوله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء). رواه مسلم في صحيحه. ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خير الدنيا والآخرة سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا.

ويجافي [يباعد] عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب). متفق عليه".

*من "كيفية صلاة النبي، صلى الله عليه وسلم"، على موقع الشيخ ابن باز، رحمه الله:
http://www.binbaz.org.sa/mat/8472

الأحد، 1 يونيو 2014

[#تدبر_آية #الأعراف، 55: ومما جاء في الحث على #الدعاء وآدابه، و#النهي عن التعدي فيه]

السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..
___
يقول الله عز وجل:
{ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} 

أرشد تبارك وتعالى عباده إلى دعائه الذي هو صلاحهم في دنياهم وأخراهم، فقال: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} ، قيل معناه: تذللاً واستكانة وخيفة، كقوله: 
{وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ}
[الأعراف: 205] الآية. 

وفي الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعون سميع قريب"، الحديث. وقال ابن عباس في قوله: تضرعاً وخفية قال السر، وقال ابن جرير: {تَضَرُّعاً} تذللاً واستكانة لطاعته {وَخُفْيَةً} يقول: بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه، لا جهاراً مراءاة. 

وقال الحسن البصري: إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوّر وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر، فيكون علانية أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}، وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً رضي فعله فقال: 
{إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً} [مريم: 3].

وقال ابن جريج: يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء، ويأمر بالتضرع والاستكانة، {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} في الدعاء ولا في غيره.

وقال الإمام أحمد أن سعداً سمع ابناً له يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها واستبرقها، ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال: لقد سألت الله خيراً كثيراً، وتعوذت به من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً} الآية - وإن بحسبك أن تقول: اللهم أني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل".

وسمع عبد الله بن مغفل ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني سل الله الجنة وعُذْ به من النار، فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول:
"يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور".

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه