الأربعاء، 18 يونيو 2014

[لئن أدركت #رمضان، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع]

عن أنس، رضي الله عنه، قال: غاب عمي أنس ابن النضر، رضي الله عنه، عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين.. لئن الله أشهدني قتال المشركين، ليرين الله ما أصنع.

فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون، فقال اللهم أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: ياسعد بن معاذ، الجنة ورب الكعبة، إني أجد ريحها من دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس: فوجدنا به بضعاً وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه.

قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآيه نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه...} إلى آخرها، [الأحزاب: 23]. (متفق عليه)

••• قال بعض الفضلاء: 
 (لئن أدركت رمضان، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع)

قالوا هذا الكلام الجميل مقتدين بالعهد الذي قطعه أنس، رضي الله عنه، على نفسه، أمام الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وقد صدق في عهده.

••• وإقتداءً بأنس، رضي الله عنه، وبالمجتهدين كذلك، قد يقول رجل قصر في عبادة من العبادات، كالصلاة مثلا: 
(لئن أدركت الصلاة القادمة، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع)

••• ومنهم من يقول: 
(لئن أدركت الحج القادم، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع)

••• ومنهم من يقول: 
(لئن رزقني الله من فضله، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع من الإنفاق)

••• ومنهم من يقول كما قال أنس تماما، رضي الله عنه، في شأن فريضة الجهاد في سبيل الله.

••• ومنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه..


#منقول

الأحد، 15 يونيو 2014

[#حادثة_الإفك وعشر آيات من #سورة_النور في تبرئة عرض الرسول الكريم وأم المؤمنين، #عائشة، رضي الله عنها]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

بيان القصة كما في الأحاديث الصحيحة:

"عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، قالت: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أراد أن يخرج لسفر أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، معه، قالت عائشة رضي الله عنها: فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، وخرجت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وذلك بعدما نزل الحجاب، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه، فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من غزوته تلك وقفل، ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذن بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلونني، فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه، قالت: وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلن ولم يغشهن اللحم، إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وحملوه، وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدونني فيرجعون إلي.

فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته، فوطئ على يدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك في شأني، وكان الذي تولى كبره (عبد الله بن أبي بن سلول).

فقدمنا المدينة، فاشتكيت حين قدمناها شهراً والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، وهو يريبني في وجعي أني لا أرى من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اللطف الذي أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيسلم ثم يقول: "كيف تيكم؟" فذلك الذي يريبني ولا أشعر بالشر، حتى خرجت بعدما نقهت [شُفيت] وخرجت معي أم مسطح قِبَل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلاّ ليلاً إلى ليل؛ وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه في البرية، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها في بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح ... وابنها مسطح بن أثاثة، فأقبلت أنا وابنة أبي رهم أم مسطح قبل بيتي حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح! فقلت لها: بئسما قلت، تسبين رجلاً شهد بدراً؟ فقالت: أي هنتاه ألم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضاً إلى مرضي.

فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسلم، ثم قال: "كيف تيكم؟" فقلت له: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذٍ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فجئت أبوي، فقلت لأمي: يا أمتاه، لماذا يتحدث الناس به؟ فقالت أي بنية، هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلاّ أكثرن عليها، قالت، فقلت: سبحان الله، وقد تحدث الناس بها؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي.
قالت: فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، (علي بن أبي طالب) و (أسامة بن زيد) حين استلبث الوحي، يسألهما ويستشيرهما في فراق أهله، قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود، فقال أسامة: يا رسول الله، أهلك ولا نعلم إلاّ خيراً، وأما علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله، لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك الخبر، قالت: فدعا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بريرة فقال: "أي بريرة، هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟" فقالت له بريرة: والذي بعثك بالحق، إن رأيت منها أمراً قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله. 

فقام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من يومه، فاستعذر من عبد الله بن أبي بن سلول، قالت: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو على المنبر: "يا معشر المسلمين، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلاّ خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلاّ خيراً، وما كان يدخل على أهلي إلاّ معي"، ... قالت: وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع، ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذا استأذنت عليّ امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي معي.

فبينا نحن على ذلك إذ دخل علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسلم ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيء. قالت: فتشهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين جلس، ثم قال: "أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب تاب الله عليه"، قالت: فلما قضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبي: أجب عني رسول الله، فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمي: أجيبي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت: فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن: والله لقد علمت، لقد سمعتم بهذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به، فلئن قلت لكم إني بريئة - والله يعلم أني بريئة - لا تصدقونني، ولئن اعترفت بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتُصَدِّقُني، فوالله ما أجد لي ولكم مثلاً إلاّ كما قال أبو يوسف: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}. قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، قالت وأنا والله أعلم حينئذٍ أني بريئة، وأن الله تعالى مبرئي ببراءتي، ولكن: والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحيٌ يتلى، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله فيّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت: فوالله ما رام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد، حتى أنزل الله تعالى على نبيه، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق، وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت: فسري عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: "أبشري يا عائشة، أما الله عزَّ وجلَّ فقد برأك".

قالت: فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلاّ الله عزَّ وجلَّ، هو الذي أنزل براءتي، وأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم...} العشر آيات كلها [الآيات بدءا من النور: ١١]."

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

السبت، 14 يونيو 2014

[#سبب_نزول الآيات ٦-١٠ من #سورة_النور: وفيها #قصة الصحابي #هلال_بن_أمية و#الملاعنة]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

يقول الله العزيز الحكيم:

وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ... [الآيات حتى]: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
 [النور: ٦-١٠]

عن ابن عباس، رضي الله عنه، قال:

"لما نزلت {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً}، قال سعد بن عبادة، وهو سيد الأنصار، رضي الله عنه: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟" فقالوا: يا رسول الله، لا تلمه، فإنه رجل غيور. والله ما تزوج امرأة قط إلاّ بكراً، وما طلق امرأة فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. فقال سعد: والله يا رسول الله، إني لأعلم إنها لحق وأنها من الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه، حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله إني لا آتي بهم حتى يقضي حاجته. قال: فما لبثوا إلاّ يسيراً حتى جاء (هلال بن أمية)، وهو أحد الثلاثة الذي تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلاً، فرأى بعينيه وسمع بأذنيه، فلم يهيجه حتى أصبح فغدا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلاً فرأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما جاء به واشتد عليه واجتمعت عليه الأنصار، وقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هلال بن أمية ويبطل شهادته في الناس، فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً؛ وقال هلال: يا رسول الله، فإني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم إني لصادق، فوالله إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا أنزل عليه الوحي يعرفوا ذلك في تربد وجهه، يعني فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فنزلت: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ} الآية، فسُرِيَ عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: "أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً"، فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي عزَّ وجلَّ.

فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "فأرسلوا إليها"، فأرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عليهما فذكرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها، فقالت: كذب. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لاعنوا بينهما". فقيل لهلال، اشهد، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة قيل له: يا هلال اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها، فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم قيل للمرأة: اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة وهمت بالاعتراف، ثم قالت: "والله لا أفضح قومي"، فشهدت في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.

ففرق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بينهما، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب، ولا يرمي ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت لها من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق ولا متوفى عنها، وقال:
"إن جاءت به أصيهب أريشح حمش الساقين فهو الهلال، وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين فهو للذي رميت به".
فجاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"لولا الأيمان لكان لي ولها شأن". 

قال عكرمة: فكان بعد ذلك أميراً على مصر، وكان يدعى لأمه ولا يدعى لأب.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الخميس، 12 يونيو 2014

[#قصة الصحابي الجليل #مرثد ابن أبي مرثد مع البغي من مكة، و#سبب_نزول آية النور الثالثة]

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رجل يقال له (مرثد ابن أبي مرثد) وكان رجلاً يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها (عناق)...، وأنه واعد رجلاً من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظل تحت الحائط، فلما انتهت إليَّ عرفتني، فقالت: مرثد؟ فقالت: مرحباً وأهلاً، هلم فبت عندنا الليلة، قال، فقلت: يا عناق حرم الله الزنا، فقالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم، قال: فتبعني ثمانية ودخلت الحديقة، فانتهيت إلى غار أو كهف، فدخلت فيه فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي، فأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا فرجعت إلى صاحبي فحملته، وكان ثقيلاً حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه أحبله، فجعلت أحمله ويعينني حتى أتيت به المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقاً، أنكح عناقاً - مرتين؟ - فأمسك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلم يرد عليّ شيئاً حتى نزلت: {ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٣]، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"يا مرثد، الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة، فلا تنكحها".

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

[#تدبر_آية #سورة_النور الثانية: ومما جاء في جريمة #الزنا وحده ومتى يقع]

السلام عليكم ورحمة الله..

يقول الله تعالى في محكم التنزيل:

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
 [النور: ٢]

ابتداء الكلام، وهو كالعنوان والترجمة في التبويب، فلذلك أتي بعده بالفاء المؤذنة بأن ما بعدها في قوة الجواب، وأن ما قبلها في قوة الشرط. فالتقدير: الزانية والزاني مما أنزلت له هذه السورة وفرضت [أي سورة النور].

ولما كان هذا يستدعي استشراف السامع كان الكلام في قوة: إن أردتم حكمهما فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة. وتقدم زيادة الفاء في قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} في سورة العقود. 

ثم يجوز أن تكون قصة مرثد بن أبي مرثد النازل فيها قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة... الآية}، هي سبب نزول أول هذه السورة [وذلك عندما استئذن النبي، صلى الله عليه وسلم، في الزواج من بغي اسمها "عناق"، فلم يأذن له]. فتكون آية {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} [الآية ٣] هي المقصد الأول من هذه السورة، ويكون قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} [الآية ٢] تمهيدا ومقدمة للآية التي تلتها مباشرة [الآية ٣]؛ فإن تشنيع حال البغايا [الزانيات] جدير بأن يقدم قبله ما هو أجدر بالتشريع، وهو عقوبة فاعل الزنى. ذلك أن مرثد ما بعثه على الرغبة في تزوج "عناق" إلا ما عرضته عليه من أن يزني معها. 

وقدم ذكر (الزانية) على (الزاني) في الآية للاهتمام بالحكم؛ لأن المرأة هي الباعث على زنى الرجل وبمساعدتها الرجل يحصل الزنى، ولو منعت المرأة نفسها ما وجد الرجل إلى الزنى تمكينا، فتقديم المرأة في الذكر؛ لأنه أشد في تحذيرها. وقوله تعالى: { كل واحد منهما} للدلالة على أنه ليس أحدهما بأولى بالعقوبة من الآخر.  

*من تفسير ابن عاشور، رحمه الله
***

قوله تعالى: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ} أي لا تمتنعوا عن إقامة الحدود شفقةً على المحدود، ولا تخففوا الضرب من غير إيجاع؛ هذا قول جماعة أهل التفسير. وقال الشَّعْبِيّ والنَّخَعِيّ وسعيد بن جُبير: «لا تأخذكم بِهِما رأفةٌ» قالوا في الضرب والجلد. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: إقامة حدّ بأرضٍ خيرٌ لأهلها من مطر أربعين ليلة؛ ثم قرأ هذه الآية. 

ثم قرّرهم الله تعالى على معنى التثبيت والحضّ بقوله تعالى: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ}. وهذا كما تقول لرجل تحضّه: إن كنت رَجلاً فافعل كذا! أي هذه أفعال الرجال.

وقوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} قيل: لا يشهد التعذيب إلا من لا يستحق التأديب. قال مجاهد: رَجُلٌ فما فوقه إلى ألف. وقال ابن زيد: لا بدّ من حضور أربعة قياساً على الشهادة على الزنى، وأن هذا باب منه. 

*من تفسير القرطبي، رحمه الله
***
[ونقلا عن فتوى من موقع الإسلام اليوم، فإن "الزنا الذي يوجب الحد هـو مغيب الحشفة ـ وهي رأس الذكر ـ في الفرج، فإن كان الزاني بكراً ( لم يتزوج) جلد مائة وغرب عاماً، وإن كان ثيباً وهو الذي سبق له أن تزوج زواجاً صحيحاً ودخل، فحده الرجم بالحجـارة حتى الموت.

ولا يعني هذا أن ما سوى ذلك من ملامسة أو ضم أو تقبيل أو نظر محرم لا يسمى زناً، بل إنه زنا، وفاعله آثم إثماً كبيراً إن لم يتب منه ويستغفر الله تعالى، والله غفور رحيم."]

السبت، 7 يونيو 2014

تفسير وتدبر قوله تعالى: (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور: ١]

السلام عليكم..

#تدبر و#تأمل أول آية من هذه السورة العظيمة..

يقول الله العزيز الحكيم:

سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
 [الآية: ١]

يقول القرطبي:
مقصود هذه السورة ذكرُ أحكام العفاف والسِّتر. وكتب عمر، رضي الله عنه، إلى أهل الكوفة: "علّموا نساءكم [هذه السورة]". وقالت عائشة، رضي الله عنها: لا تُنزلوا النساء الغُرَف ولا تعلموهنّ الكتابة وعلموهنّ [هذه السورة] والغْزل. {وَفَرَضْنَاهَا} أي فرضنا عليكم وعلى من بعدكم ما فيها من الأحكام.

ويقول ابن كثير:
يقول تعالى: هذه السورة أنزلناها، فيه تنبيه على الاعتناء بها ولا ينفي ما عداها. {وَفَرَضْنَاهَا}، قال مجاهد: أي بينا الحلال والحرام والأمر والنهي والحدود. وقال البخاري: ومن قرأ {وَفَرَضْنَاهَا} يقول: فرضناها عليكم وعلى من بعدكم. {وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}، أي مفسرات واضحات {لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}. 

ويقول الشوكاني:
{وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيِّنَات} أي: أنزلنا في غضونها وتضاعيفها، ومعنى كونها بينات: أنها واضحة الدلالة على مدلولها، وتكرير {أنزلنا} لكمال العناية بإنزال هذه السورة، لما اشتملت عليه من الأحكام.

ويقول سيد قطب:
تبدأ [هذه السورة] بإعلان قوي حاسم عن تقرير هذه السورة وفرضها بكل ما فيها من حدود وتكاليف، ومن آداب وأخلاق. فيدل هذا البدء الفريد على مدى اهتمام القرآن بالعنصر الأخلاقي في الحياة، ومدى عمق هذا العنصر وأصالته في العقيدة الإسلامية، وفي فكرة الإسلام عن الحياة الإنسانية.

ويقول الشعراوي:
{وَفَرَضْنَاهَا} الشيء المفروض يعني الواجب أن يُعمل؛ لأن المشرِّع [الله ربنا العظيم] قاله وحكم به وقدَّره.

ويقول محمد بن محمد بن مختار الشنقيطي:
استفتح الله تبارك وتعالى هذه السورة بتنبيه العباد إلى فضلها، وعلو مكانها ومنزلتها. وقد كان من عادة القرآن أن تُسْتَفتح السور فيه بمقاصده، ويذكر الله، عز وجل، فيها ما يذكره، ولكن هذه السورة خاصة استفتحها الله عز وجل بتنبيه العباد على عظيم شأنها، ولذلك اعتُبر من خصائص [هذه السورة] أن الله عز وجل استفتحها ببيان فضلها، فهذه منزلة لـ#سورة_النور لم تشاركها فيها غيرها من سور القرآن.

[من يقرأ هذه الآية في مطلع السورة يبدأ في تهيئة قلبه وعقله لتلقي الآيات البينات التي تليها، والتي بدأها الله تعالى بأمر عظيم جلل، حرّمه على المؤمنين، ورد في قوله تعالى: 

{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ... الآية} [النور: ٢]].
____
*من عدة مفسرين، رحمنا الله ورحمهم

الأربعاء، 4 يونيو 2014

[صفة #ركوع_الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما ذكرها الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله]

"يركع قائلاً (الله أكبر) ويعتدل في الركوع ويطمئن ولا يعجل، ويجعل يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويسوي رأسه بظهره ويقول: (سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)؛ لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أما الركوع فعظموا فيه الرب) ... قالت عائشة، رضي الله عنها: (كان يكثر أن يقول في الركوع والسجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي). وهذا كله مستحب، والواجب (سبحان ربي العظيم) مرة واحدة، وإن كررها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر كان أفضل. وجاء أيضًا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول في الركوع: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح). فإذا قال مثل هذا فحسن.. اقتداءً بالنبي، صلى الله عليه وسلم.

ثم يرفع من الركوع قائلاً (سمع الله لمن حمده) إذا كان إمامًا أو منفردًا، ويرفع يديه مثلما فعل عند الركوع حيال منكبيه أو حيال أُذنيه عند قوله (سمع الله لمن حمده)، ثم بعد انتصابه واعتداله يقول: (ربنا ولك الحمد) أو (اللهم ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد)، فهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وقوله، وأقرّ النبي، صلى الله عليه وسلم، شخصًا سمعه يقول: (حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه) فأقره على ذلك صلى الله عليه وسلم وقال إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبادر ليكتبها ويرفعها  أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة، وإن زاد على هذا فقال: (أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، فذلك حسن؛ لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يقوله في بعض الأحيان.

ومعنى "لا ينفع ذا الجد" يعني: ولا ينفع ذا الغنى منك غناه، فالجميع فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، والجد هو الحظ والغنى. 

والواجب الاعتدال في هذا الركن ولا يعجل، فإذا رفع واعتدل واطمأن قائمًا وضع يديه على صدره، وهذا هو الأفضل، وقال بعض أهل العلم يرسلهما، ولكن الصواب أن يضعهما على صدره فيضع كف اليمنى على كف اليسرى على صدره، كما فعل قبل الركوع وهو قائم، هذه هي السنة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم.


*من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز، على موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء:
http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?BookID=4&View=Page&PageNo=1&PageID=1713&languagename=

الاثنين، 2 يونيو 2014

صفة #سجود_الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما ذكرها الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله

"يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه مستقبلا بأصابع رجليه ويديه القبلة، ضاما أصابع يديه. ويكون على أعضائه السبعة: الجبهة والأنف، واليدين، والركبتين، وبطون أصابع الرجلين، ويقول: (سبحان ربي الأعلى) ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر، ويستحب أن يقول مع ذلك: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي). ويكثر من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن أن يستجاب لكم). وقوله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء). رواه مسلم في صحيحه. ويسأل ربه له ولغيره من المسلمين من خير الدنيا والآخرة سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا.

ويجافي [يباعد] عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب). متفق عليه".

*من "كيفية صلاة النبي، صلى الله عليه وسلم"، على موقع الشيخ ابن باز، رحمه الله:
http://www.binbaz.org.sa/mat/8472

الأحد، 1 يونيو 2014

[#تدبر_آية #الأعراف، 55: ومما جاء في الحث على #الدعاء وآدابه، و#النهي عن التعدي فيه]

السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..
___
يقول الله عز وجل:
{ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} 

أرشد تبارك وتعالى عباده إلى دعائه الذي هو صلاحهم في دنياهم وأخراهم، فقال: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} ، قيل معناه: تذللاً واستكانة وخيفة، كقوله: 
{وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ}
[الأعراف: 205] الآية. 

وفي الصحيحين، عن أبي موسى الأشعري قال: رفع الناس أصواتهم بالدعاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إن الذي تدعون سميع قريب"، الحديث. وقال ابن عباس في قوله: تضرعاً وخفية قال السر، وقال ابن جرير: {تَضَرُّعاً} تذللاً واستكانة لطاعته {وَخُفْيَةً} يقول: بخشوع قلوبكم وصحة اليقين بوحدانيته وربوبيته فيما بينكم وبينه، لا جهاراً مراءاة. 

وقال الحسن البصري: إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوّر وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواماً ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر، فيكون علانية أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله تعالى يقول: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}، وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً رضي فعله فقال: 
{إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً} [مريم: 3].

وقال ابن جريج: يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء، ويأمر بالتضرع والاستكانة، {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} في الدعاء ولا في غيره.

وقال الإمام أحمد أن سعداً سمع ابناً له يدعو وهو يقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها واستبرقها، ونحواً من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال: لقد سألت الله خيراً كثيراً، وتعوذت به من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء، وقرأ هذه الآية: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً} الآية - وإن بحسبك أن تقول: اللهم أني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل".

وسمع عبد الله بن مغفل ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فقال: يا بني سل الله الجنة وعُذْ به من النار، فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول:
"يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور".

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

السبت، 31 مايو 2014

[#تدبر_آية #الأعراف، 50: مما جاء في نداء أصحاب النار لأقاربهم في الجنة، وكذلك فضل #صدقة_الماء]

السلام عليكم.. طبتم وطاب صباحكم..
 
يقول الحق تبارك وتعالى:

{وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ}

فيه الآية ثلاث مسائل:

الأولى: قوله تعالى: {وَنَادَىٰ} قيل: إذا صار أهل الأعراف إلى الجنة طمع أهل النار فقالوا: يا رَبُّنَا، إن لنا قرابات في الجنة فأْذن لنا حتى نراهم ونكلمهم. وأهل الجنة لا يعرفونهم لسواد وجوههم، فيقولون: {أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ}، فبيّن أن ٱبن آدم لا يستغني عن الطعام والشراب وإن كان في العذاب. {قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ} يعني طعام الجنة وشرابها. 

الثانية: في هذه الآية دليل على أن سقي الماء من أفضل الأعمال. وقد سئل ابن عباس: أي الصدقة أفضل؟ فقال: الماء، ألم تَرَوْا إلى أهل النار حين ٱستغاثوا بأهل الجنة «ان أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ المَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ»؟

 وروى أبو داود "أن سعداً أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: أيّ الصدقة أعجب إليك؟ قال: «الماء». وفي رواية: فحفر بئراً فقال «هذه لأمّ سعد». وعن أنس قال: قال سعد: يا رسول الله، إن أمّ سعد كانت تحب الصدقة، أفينفعها أن أتصدّق عنها؟ قال: «نعم وعليك بالماء» "

وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سعد بن عُبادة أن يسقي عنها الماء. فدلّ على أن سقي الماء من أعظم القربات عند الله تعالى وقد قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء. وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب، فكيف بمن سقى رجلاً مؤمناً موحداً وأحياه. 

وفي حديث عائشة عن النبيّ، صلى الله عليه وسلم:
"ومن سَقَى مسلماً شَربة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة ومن سقى مسلماً شربة من ماء حيث لا يوجد الماء فكأنما أحياها "
خرّجه ابن ماجه في السُّنَن.

الثالثة: وقد ٱستدلّ بهذه الآية من قال: إن صاحب الحوض والقِربة أحق بمائه، وأن له منعه ممن أراده؛ لأن معنى قول أهل الجنة: «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ» لا حقّ لكم فيها. وقد بوّب البخارِيّ رحمه الله على هذا المعنى: (باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه) وأدخل في الباب عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال:

"والذي نفسي بيده لأذودنّ رجالاً عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض".

قال المهلّب: لا خلاف أن صاحب الحوض أحق بمائه؛ لقوله عليه السلام:
"لأذودنّ رجالاً عن حوضي".

*من تفسير القرطبي، رحمنا الله ورحمه

الأربعاء، 28 مايو 2014

[#تدبر_آية الأعراف، ٤٦: من خبر السور بين الجنة والنار وخبر أصحاب #الأعراف]

السلام عليكم.. طبت وطاب صباحك..

يقول الله عز وجل:
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ ۚ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ ۚ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ۚ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ
 
لما ذكر تعالى مخاطبة أهل الجنة مع أهل النار، نبه أن بين الجنة والنار حجاباً، وهو الحاجز المانع من وصول أهل النار إلى الجنة، قال ابن جرير: وهو السور الذي قال اللّه تعالى فيه: {فضرب بينهم بسور له باب}، وهو الأعراف الذي قال اللّه تعالى فيه: وعلى الأعراف رجال}، ثم روى بإسناده عن السدي أنه قال في قوله تعالى: {وبينهما حجاب} هو السور وهو الأعراف، وقال مجاهد: الأعراف حجاب بين الجنة والنار سور له باب. قال ابن جرير: والأعراف جمع عرف، وكل مرتفع من الأرض عند العرب يسمى عرفاً.

اختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد، وهو أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم. قال بذلك حذيفة وابن عباس وابن مسعود وغير واحد من السلف. وقد جاء في حديث مرفوع رواه الحافظ ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته، قال: (أولئك أصحاب الأعراف لم يدخلوها وهم يطمعون) وقال ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف، فقال: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فقعدت بهم سيئاتهم عن الجنة، وخلفت بهم حسناتهم عن النار. قال: فوقفوا هناك على السور حتى يقضي اللّه فيهم.

وعن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ قول اللّه تعالى: {فمن ثقلت موازينه} الآيتين، ثم قال: الميزان يخف بمثقال حبة، ويرجح، قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف فوقفوا على الصراط ثم عرفوا أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم ونظروا إلى أهل النار {قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}، تعوذوا باللّه من منازلهم. قال: فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نوراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد يومئذ نوراً، وكل أمة نوراً فإذا أتوا على الصراط سلب اللّه نور كل منافق ومنافقة. فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: {ربنا أتمم لنا نورنا}، وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان بأيديهم فلم ينزع، فهنالك يقول اللّه تعالى: {لم يدخلوها وهم يطمعون} فكان الطمع دخولاً، قال: فقال ابن مسعود إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول: "هلك من غلبت آحاده عشراته".

 وسئل رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، عن أصحاب الأعراف. قال: (هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد، قال: أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار، ولم تدخلوا الجنة، فأنتم عتقائي، فارعوا من الجنة حيث شئتم). 

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

الثلاثاء، 27 مايو 2014

[#فتوى مهمة في #الإسبال، تعالج #شبهة وقع فيها البعض. معرفتها وتطبيقها نجاة من كبيرة من كبائر الذنوب، بإذن الله تعالى]

سُئِلَ الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله:

في الحديث أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال ما معناه أن الذي يسبل ثيابه في النار، فنحن ثيابنا تحت الكعبين وليس قصدنا التكبر ولا الافتخار وإنما هي عادة اعتدنا عليها فهل فعلنا حرام؟ وهل الذي يسبل ثيابه وهو مؤمن بالله يكون في النار. أرجو الإفادة؟

الجواب: لقد ثبت عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه الإمام البخاري في صحيحه، وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ المسبل إزاره، والمنان في ما أعطى، والمنفّق سلعته بالحلف الكاذب) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقاً ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء لأن ذلك وسيلة للتكبر، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس إلى النجاسات والأوساخ. أما إن قصد بذلك التكبر؛ فالأمر أشد والإثم أكبر، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة). والحد في ذلك هو الكعبان، فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة، أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها.

وأما ما ثبت عن الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: إن إزاري يرتخي إلا أن أتعاهده. فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: (إنك لست ممن يفعله خيلاء). فالمراد بذلك أن من ارتخى إزاره بغير قصد وتعاهده وحرص على رفعه لم يدخل في الوعيد لكونه لم يتعمد ذلك، ولم يقصد الخيلاء، وهذا بخلاف من تعمد إرخاءه، فإنه متهم بقصد الخيلاء وعمله وسيلة على ذلك والله سبحانه هو الذي يعلم ما في القلوب، والنبي  صلى الله عليه وسلم أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال وشدد في ذلك، ولم يقل من أرخاها بغير خيلاء، فالواجب على المسلم أن يحذر مما حرّم الله عليه، وأن يبتعد عن أسباب غضب الله، وأن يقف عند حدود الله، يرجو ثوابه ويخشى عقابه. إنتهى كلامه، رحمه الله.
***
ذكر الشوكاني في كتابه "فتح القدير" ما نصه:

"أخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: بينما نحن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ لقينا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة قد أسبل، فأخذ النبي، صلى الله عليه وسلم، بناحية ثوبه، فقال: يا رسول الله، إني أحمش الساقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:   (يا عمرو بن زرارة! إن الله عز وجل قد أحسن كلّ شيء خلقه، يا عمرو بن زرارة.. إن الله لا يحب المسبلين).

وأخرج أحمد والطبراني عن الشريد بن سويد قال: أبصر النبي، صلى الله عليه وسلم، رجلاً قد أسبل إزاره، فقال: (ارفع إزارك)، فقال: يا رسول الله، إني أحنف، تصطك ركبتاي، فقال:
(ارفع إزارك، كلّ خلق الله حسن)."

[نهى النبي، صلى الله عليه وسلم، الصحابيين عن #الإسبال، علما أن سبب إسبالهما لم يكن #الكبر أو #الخيلاء.]

مصدر الفتوى:
http://www.binbaz.org.sa/mat/1847

الاثنين، 26 مايو 2014

[من أهم ما تتعلم وتحذر في حياتك: #نواقض_الإسلام]

السلام عليكم.. طبتم وطاب يومكم..🌹

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله: اعلم أيها المسلم أن الله سبحانه أوجب على جميع العباد الدخول في الإسلام والتمسك به والحذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى ذلك، وأخبر عز وجل أن من اتبعه فقد اهتدى، ومن أعرض عنه فقد ضل، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر، وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله، ويكون بها خارجا من الإسلام، ومن أخطرها وأكثرها وقوعا (عشرة نواقض)، ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وغيره من أهل العلم رحمهم الله جميعا، ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز؛ لتحذرها وتحذر منها غيرك، رجاء السلامة والعافية منها، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها:

الأول: الشرك في عبادة الله تعالى، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}. ومن ذلك دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، والنذر والذبح لهم كمن يذبح للجن أو للقبر.
***
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعا.
***
الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر.
***
الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه - فهو كافر.

ويدخل في القسم الرابع: من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام، أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل، أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سببا في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه، دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى، ويدخل في الرابع أيضا من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر، ويدخل في ذلك أيضا كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة؛ لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعا، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ كالزنا، والخمر، والربا، والحكم بغير شريعة الله - فهو كافر بإجماع المسلمين.
***
الخامس: من أبغض شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر؛ لقوله تعالى: {ذلك بأنهم كرهوا مَا أنزل اللَّهُ فأحبط أعمالهم}.

[يذكر الشيخ عبد العزيز الراجحي في شرحه للنواقض العشرة: "كأن يبغض الصلاة فإنه يكفر ولو صلى، أو كرهها. فإذا أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الواجبات أو من الثواب أو من العقاب، كأن يبغض إقامة الحدود على الزاني أو السارق أو كره ذلك فهذا يكفر؛ لأنه أبغض وكره ما أنزل الله."]
***
السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: {قل أَبِاللّهِ وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون • لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم}.
***
السابع: السحر، ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر. 
***
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن اللَّهَ لا يهدي القوم الظالمين}.

[يذكر الشيخ عبد العزيز الراجحي في شرحه للنواقض: "إذا أعان المشركين على المسلمين فمعناه أنه تولى المشركين وأحبهم؛ وتوليهم ردة، لأن هذا يدل على محبتهم. فإذا أعانهم على المسلمين بالمال أو بالسلاح أو بالرأي دل على محبتهم ومحبتهم ردة. فأصل التولي هو المحبة، وينشأ عنها الإعانة والمساعدة بالرأي أو بالمال أو بالسلاح فإذا أعان المشركين على المسلمين فمعناه أنه فضل المشركين على المسلمين."]
***
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم - كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام - فهو كافر؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
***
العاشر: الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}.

ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطرا، وأكثر ما يكون وقوعا.

فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه. 

*الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، رحمنا الله ورحمه
**المصدر: 
http://www.binbaz.org.sa/mat/8744