الأربعاء، 25 يونيو 2014

[#تدبر_آية #سورة_النور، ٢٧: وفيها #الآداب_القرآنية في الاستئذان وكيفيته من #هدي النبي محمد، صلى الله عليه وسلم]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..🌹

يقول الله السميع العليم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ

هذه آداب شرعية أدب الله بها عباده المؤمنين، أمرهم أن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم حتى (يستأنسوا) أي يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده، وينبغي أن يستأذن ثلاث مرات، فإن أذن له وإلاّ انصرف كما ثبت في "الصحيح" أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثاً، فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر: ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب، فلما جاء بعد ذلك قال: ما أرجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثاً فلم يؤذن لي، وإني سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول:
"إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فلينصرف"، فقال عمر: لتأتيني على هذا ببينة وإلاّ أوجعتك ضرباً، فذهب إلى ملإ من الأنصار فذكر لهم ما قال عمر، فقالوا: لا يشهد لك إلاّ أصغرنا، فقام معه أبو سعيد الخدري فأخبر عمر بذلك، فقال: ألهاني عنه الصفق بالأسواق.

وعن أنس "أن النبي، صلى الله عليه وسلم، استأذن على سعد بن عبادة فقال: "السلام عليك ورحمة الله" فقال سعد: وعليك السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى سلم ثلاثاً، ورد عليه سعد ثلاثاً، ولم يسمعه، فرجع النبي، صلى الله عليه وسلم، فاتبعه سعد فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ما سلمت تسليمة إلاّ وهي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، وأردت أن أستكثر من سلامك ومن البركة، ثم أدخله البيت فقرب إليه زبيباً، فأكل نبي الله، فلما فرغ قال: "أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون". 
***
ثم ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل أن لا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليكن الباب عن يمينه أو يساره، لما رواه أبو داود عن عبد الله بن بشر قال:
"كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: "السلام عليكم، السلام عليكم"، وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذٍ ستور.

وعن جابر قال:
"أتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، في دين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: "من ذا؟" فقلت: أنا، قال: "أنا أنا". 
كأنه كرهه، وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يعرف صاحبها حتى يفصح باسمه أو كنيته التي هي مشهور بها، وإلاّ فكل أحد يعبر عن نفسه بأنا، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان المأمور به في الآية.

وعن عمرو بن سعيد الثقفي "أن رجلاً استأذن على النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أألج أو أنلج؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لأمة له يقال لها روضة: "قومي إلى هذا فعلميه، فإنه لا يحسن يستأذن، فقولي له يقول السلام عليكم أأدخل؟ "فسمعها الرجل فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فقال: "ادخل". 

وقال مجاهد: جاء ابن عمر من حاجة وقد آذاه الرمضاء، فأتى فسطاط امرأة من قريش، فقال: السلام عليكم أأدخل، قالت: ادخل بسلام، فأعاد، فأعادت وهو يراوح بين قدميه قال: قولي "ادخل"، قالت ادخل.

وروى هشيم عن ابن مسعود قال: عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم، وقال أشعث عن (عدي بن ثابت) أن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله إني أكون في منزلي على الحال التي لا أحب أن يراني أحد عليها، لا والد ولا ولد، وإنه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال، قال: فنزلت: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً} الآية.

وقال ابن مسعود: عليكم الإذن على أمهاتكم، وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا، وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلاّ فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به، لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها.

وروى ابن جرير عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق، كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه. وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: كان عبد الله إذا دخل الدار استأنس تكلم ورفع صوته، وقال مجاهد: {حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ} قال: تنحنحوا ...، وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: إذا دخل الرجل بيته استحب له أن يتنحنح أو يحرك نعليه. 
***
وقال مقاتل بن حيان في الآية: كان الرجل في الجاهلية إذا لقي صاحبه لا يسلم عليه، ويقول: حييت صباحاً وحييت مساء، وكان ذلك تحية القوم بينهم، وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه، فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول: قد دخلت ونحو ذلك، فيشق ذلك على الرجل، ولعله يكون مع أهله، فغّير الله ذلك كله في ستر وعفة، وجعله نقياً نزهاً من الدنس والقذر والدرن.

*من تفسير ابن كثير، رحمنا الله ورحمه

ليست هناك تعليقات: