الخميس، 13 فبراير 2014

تفسير سورة الروم، الآيات ١١ - ١٥

السلام عليكم، وطاب صباحكم ويومكم..🌹

يقول الذي يبدأُ الخلق ثم يعيده: 

اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ • وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ • وَلَمْ يَكُن لَّهُم مِّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ • وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ • فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
(الروم: ١١ - ١٥)

قال تعالى: {اللَّهُ يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ}، أي كما هو قادر على بداءته فهو قادر على إعادته، {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله، ثم قال:  وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُبْلِسُ ٱلْمُجْرِمُونَ} قال ابن عباس: ييأس المجرمون، وقال مجاهد: يفتضح المجرمون، وفي رواية يكتئب المجرمون، {وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مِّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ} أي ما شفعت فيهم الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى وكفروا بهم وخانوهم أحوج ما كانوا إليهم.
***
ثم قال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} قال قتادة: هي والله الفرقة التي لا اجتماع بعدها، يعني أنه إذا رفع هذا إلى عليين وخفض هذا إلى أسفل سافلين، فذلك آخر العهد بينهما، ولهذا قال تعالى: {فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} قال مجاهد وقتادة: ينعمون.
*من تفسير ابن كثير، رحمه الله
***   
وقوله تعالى: {يُحْبَرُونَ}، قال الضحاك وابن عباس: يُكرمون. وقيل: ينعّمون؛ وقاله مجاهد وقتادة. وقيل يسرّون. (...) قال تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} أي ينعمون ويكرمون ويسرون. 
***
وقال يحيـى بن أبي كثير «في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ» قال: السّمَاع في الجنة [السماع: الغناء أو الذكر الحسن الجميل]؛ وقاله الأوزاعِيّ، قال: إذا أخذ أهل الجنة في السماع لم تبق شجرة في الجنة إلا رَدّدَت الغناء بالتسبيح والتقديس. وقال الأوزاعِيّ: ليس أحد من خلق الله أحسنَ صوتاً من إسرافيل، فإذا أخذ في السماع قطع على أهل سبع سموات صلاتهم وتسبيحهم. زاد غير الأوزاعِيّ: ولم تبق شجرة في الجنة إلا ردّدت، ولم يبق سِتر ولا باب إلا ارتج وانفتح، ولم تبق حلقة إلا طنت بألوان طنينها، ولم تبق أجمة من آجام الذهب إلا وقع أهبوب الصوت في مقاصبها فزَمَرت تلك المقاصب بفنون الزمر، ولم تبق جارية من جوار الحور العِينِ إلا غنَّت بأغانيها، والطير بألحانها، ويوحِي الله تبارك وتعالى إلى الملائكة أن جاوِبوهم وأسمِعوا عبادي الذين نزهوا أسماعهم عن مزامير الشيطان فيجاوبون بألحان وأصواتٍ روحانيين فتختلط هذه الأصوات فتصير رجة واحدة، ثم يقول الله جل ذكره: يا داود قم عند ساق عرشي فمجّدني؛ فيندفع داود بتمجيد ربه بصوت يغمر الأصوات ويجليها وتتضاعف اللذة؛ فذلك قوله تعالى: {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ}.
ذكره الترمذيّ الحكيم رحمه الله.
***
 وذكر الثعلبيّ من حديث أبي الدّرداء:
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكّر الناس؛ فذكر الجنة وما فيها من الأزواج والنعيم؛ وفي أخريات القوم أعرابيّ فقال: يا رسول الله، هل في الجنة من سماع؟ فقال: «نعم يا أعرابي إن في الجنة لنهراً حافتاه الأبكار من كل بيضاء خمصانية يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط فذلك أفضل نعيم الجنة» فسأل رجل أبا الدّرداء: بماذا يتغنين؟ فقال بالتسبيح."
والخمصانِية: المرهفة الأعلى، الخمصانة البطن، الضخمة الأسفل.
قلت: وهذا كله من النعيم والسرور والإكرام؛ فلا تعارض بين تلك الأقوال.
***
وأين هذا من قوله الحق: 

{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ}
[السجدة: 17] على ما يأتي. 
وقوله عليه السلام:
"فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمِعت ولا خطر على قلب بشر."
***
وقد روي:
"إن في الجنة لأشجاراً عليها أجراس من فضة، فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحاً من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طرباً."
ذكره الزمخشرِيّ.

*من تفسير الطبري، رحمه الله

ليست هناك تعليقات: