السبت، 15 مارس 2014

مما جاءفي تفسير (مثل الحياة الدنيا) في القرآن.. الكهف، ٤٥

السلام عليكم، طبتم وطاب صباحكم..

يقول الحي القيوم:

{واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً}
الكهف، ٤٥

يقول تعالى: {واضرب} يا محمد للناس {مثل الحياة الدنيا} في زوالها وفنائها وانقضائها، {كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض} أي ما فيها من الحب، فشب وحسن، وعلاه الزهر والنور، والنضرة، ثم بعد هذا كله {أصبح هشيما} يابساً، {تذروه الرياح} أي تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال، {وكان اللّه على كل شيء مقتدرا} أي هو قادر على هذه الحال وهذه الحال.
***
وكثيراً ما يضرب اللّه مثل الحياة الدنيا بهذا المثل، كما قال تعالى في سورة يونس: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون} [الآية، ٢٤]

وقال في سورة الحديد: {اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [الآية، ٢١] .

وفي الحديث الصحيح: (الدنيا خضرة حلوة). 

*من تفسير ابن كثير، رحمه الله
***
والحق تبارك وتعالى في هذه الآية يوضح المجهول لنا بما عُلِم لدينا. وأهل البلاغة يقولون: في هذه الآية تشبيه تمثيل؛ لأنه سبحانه شبّه حال الدنيا في قِصَرها وسرعة زوالها بالماء الذي نزل من السماء، فارتوتْ به الأرض، وأنبتتْ ألواناً من الزروع والثمار، ولكن سرعان ما يذبلُ هذا النبات ويصير هشيماً مُتفتتاً تذهب به الريح.

وهكذا الدنيا تبدو جميلة مُزهِرة مُثمِرة حُلْوة نَضِرة، وفجأة لا تجد في يديك منها شيئاً؛ لذلك سماها القرآن دُنْيا وهو اسم يُوحي بالحقارة، وإلا فأيّ وصف أقل من هذا يمكن أن يصفها به؟ لنعرف أن ما يقابلها حياة عُلْيا.

وكأن الحق سبحانه يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: كما ضربتُ لهم مَثَل الرجلين [في سورة الكهف] وما آل إليه أمرهما.. اضرب لهم مثل الحياة الدنيا وأنها تتقلّب بأهلها، وتتبدل بهم، واضرب لهم مثلاً للدنيا من واقع الدنيا نفسها.

*من خواطر الشعراوي، رحمه الله ورحمنا

ليست هناك تعليقات: