الاثنين، 3 مارس 2014

مما جاء في تفسير قوله تعالى: (ولا تمشِ في الأرض مرحا..) الإسراء، ٣٧

السلام عليكم.. أسعد الله صباحكم وزادكم الله من واسع فضله..

يقول عز من قائل:

وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً
(الإسراء، ٣٧)

يقول تعالى ناهياً عباده عن التجبر والتبختر في المشية: {ولا تمشِ في الأرض مرحاً} أي متبختراً متمايلاً مشي الجبارين، {إنك لن تخرِقَ الأرض} أي لن تقطع الأرض بمشيك، {ولن تبلغ الجبال طُولا}: أي بتمايلك وفخرك وإعجابك بنفسك، بل قد يجازى فاعل ذلك بنقيض قصده، كما ثبت في "الصحيح":

"بينما رجل يمشي فيمن كان قبلكم وعليه بردان يتبختر فيهما إذ خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة."
***
وكذلك أخبر الله تعالى عن قارون أنه خرج على قومه في زينته، وأن الله تعالى خسف به وبداره الأرض، وفي الحديث:

"من تواضع لله رفعه الله فهو في نفسه حقير وعند الناس كبير."
***
ورأى ابن عمر رجلاً يخطر في مشيته، فقال: إن للشياطين إخواناً.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض."

*من تفسير ابن كثير
***
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"مِن الغَيْرة ما يبغض الله عز وجل ومنها ما يحب الله عز وجل. ومن الخُيَلاء ما يحب الله عز وجل ومنها ما يبغض الله. فأما الغيرة التي يحب الله الغَيْرَةُ في الدِّين، والغيرة التي يبغض الله الغيرةُ في غير دينه. والخيلاء التي يحب الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال وعند الصدقة، والاختيال الذي يبغض الله الخيلاء في الباطل"
وأخرجه أبو داود في مصنَّفه وغيره.

وأنشدوا: 
ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعاً..
فكم تحتها قوم هم منك أرفع

وإن كنتَ في عزٍّ وحِرْز ومَنْعة..
فكم مات من قوم هم منك أمنع

*الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي
***
ومن حكمة الله سبحانه أنْ جعل كل ما يمكن أن يفتخر به الإنسان هِبةً له، وليست أصيلة فيه. كل أمور الإنسان بداية من إيجاده من عدم إلى الإمداد من عُدم هي هبة يمكن أنْ تسترد في يوم من الأيام.. وكيف الحال إذا تكبَّرْتَ بمالك، ثم رآك الناس فقيراً، أو تعاليت بقوتك ثم رآك الناس عليلاً؟

 وأنتم - أي المتكبرون - بهذا التكبُّر والتعالي لن تخرقوا الأرض، بل ستظل صلبة تتحداكم، وهي أدنى أجناس الوجود وتُدَاس بالأقدام، وكذلك الجبال وهي أيضاً جماد ستظل أعلى منكم قامةً ولن تطاولوها.

*من خواطر الشعراوي - رحمهم الله جميعا ورحمنا

ليست هناك تعليقات: