الثلاثاء، 18 مارس 2014

مما جاء في تفسير: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) الإسراء، ٨٥

السلام عليكم، طبتم وطيب الله صباحكم وأرواحكم..🌹

يقول عالم الغيب والشهادة:
{ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} 
الإسراء، ٨٥

عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث في المدينة وهو متوكئ على عسيب، فمر بقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، قال: فسألوه عن الروح، فقالوا: يا محمد، ما الروح؟ فما زال متوكئاً على العسيب، قال: فظننت أنه يوحى إليه، فقال: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قال، فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه.
***
وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح هٰهنا على أقوال: (أحدها) أن المراد أرواح بني آدم..

"عن ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد؟ ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فأتاه جبريل فقال له: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فقالوا: من جاءك بهذا؟ قال: "جاءني به جبريل من عند الله"، فقالوا له: والله ما قاله لك إلاّ عدونا"، فأنزل الله: 
{قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن اللّه مصدقا لما بين يديه}
[البقرة: 97].
***
[ذكر الشوكاني في فتح القدير: 
اختلف الناس في الروح المسئول عنه، فقيل: هو الروح المدبر للبدن الذي تكون به حياته، وبهذا قال أكثر المفسرين. وقيل: الروح المسئول عنه جبريل، وقيل: عيسى، وقيل القرآن، وقيل: ملك من الملائكة عظيم الخلق، وقيل: خلق كخلق بني آدم، وقيل: غير ذلك مما لا طائل تحته ولا فائدة في إيراده، والظاهر القول الأول - أي روح الإنسان.]
***
وقوله تعالى: {قل الروح من أمر ربي}: أي من شأنه، ومما استأثر بعلمه دونكم، ولهذا قال: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أي وما أطلعكم من علمه إلاّ على القليل، فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلاّ بما شاء تبارك وتعالى، والمعنى أن علمكم في علم الله قليل، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه، كما أنه لم يطلعكم إلاّ على القليل من علمه تعالى.

وفي قصة موسى والخضر، أن الخضر قال: يا موسى ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلاّ كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر، ولهذا قال تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.
***
[قال القرطبي في الجامع:
أبهم الله تعالى أمر الروح وترك تفصيله، ليعرف الإنسان على القطع عجزه عن علم حقيقة نفسه مع العلم بوجودها. وإذا كان الإنسان في معرفة نفسه هكذا كان بعجزه عن إدراك حقيقة الحق أولى. وحكمة ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن إدراك خالقه أعجز.]

قال السهيلي: الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر: أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وحاصل القول: أن الروح هي أصل النفس ومادتها، والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي من وجه، لا من كل وجه، وهذا معنى حسن والله أعلم.

*التفسير من ابن كثير، رحمه الله ورحم الشوكاني والقرطبي ورحمنا

ليست هناك تعليقات: