الاثنين، 17 مارس 2014

مما جاء في تفسير قوله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته) الإسراء، ٨٤

السلام عليكم. طبتم وطاب صباحكم..

يقول الهادي إلى سواء السبيل:

{قل كل يعمل على شاكلته فربكم أَعلم بمن هو أَهدىٰ سبيلًا}
 الإسراء، ٨٤

في قوله تعالى {قل كل يعمل على شاكلته} قال ابن عباس والضحاك: على ناحيته. وقال مجاهد: على طبيعته. وقال ابن زيد: أي على دينه. وقال الحسن وقتادة: على نيته. وقال مقاتل: على جبلته.

والمعنى: أن كل أحد يعمل على ما يشاكل أصله وأخلاقه التي ألفها، وهذا ذم للكافر ومدح للمؤمن. والآية والتي قبلها نزلت في الوليد بن المغيرة؛ وهي قوله تعالى: {وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه} .

وقوله تعالى: {فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا}، أي بالمؤمن والكافر وما سيحصل من كل واحد منهم.
***
وحكي أن الصحابة رضوان الله عليهم تذاكروا القرآن فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر فيه آية أرجى وأحسن من قوله تعالى {بسم الله الرحمن الرحيم • حم • تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم • غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول} [غافر : 1] قدم غفران الذنوب على قبول التوبة، وفي هذا إشارة للمؤمنين.

وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: قرأت جميع القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تعالى {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم} [الحجر : 49].

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تعالى {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} [الزمر : 53].

قلت: وقرأت القرآن من أوله إلى آخره فلم أر آية أحسن وأرجى من قوله تعالى {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [الأنعام : 82].

*من تفسير القرطبي، رحمه الله
***
[يقول الشعراوي في خواطره، عن هذه الآية العظيمة:
أي أن كل إنسان يعمل على طريقته، وعلى طبيعته، وعلى مقدار ما تكونت به من خلايا الإيمان، أو من خلايا إيمان اختلطت بخلايا عصيان، أو بما عنده من خلايا كفر، فالناس مختلفون وليسوا على طبع واحد، فلا تحاول ـ إذن ـ أن تجعل الناس على طبع واحد.

وما دام الأمر كذلك، فليعمل كل واحد على شاكلته، وحسب طبيعته، فإنْ أساء إليك إنسان سيئ الطبع فلا تقابله بسوء مثله، ولتعمل أنت على شاكلتك، ولتقابله بطبع طيّب؛ لذلك يقولون: لا تُكافئ مَنْ عصى الله فيك بأكثر من أنْ تطيع الله فيه. وبذلك يستقيم الميزان في المجتمع، ولا تتفاقم فيه أسباب الخلاف.]

ليست هناك تعليقات: